للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لا يَنْقُضُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ نَجِسَةٌ لأنَّ الدَّمَ يَنْضَجُ فَيَصِيرُ قَيْحًا ثُمَّ يَزْدَادُ نُضْجًا فَيَصِيرُ صَدِيدًا ثُمَّ يَصِيرُ مَاءً، هَذَا إذَا قَشَرَهَا فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ، أَمَّا إذَا عَصَرَهَا فَخَرَجَ بِعَصْرِهِ لا يَنْقُضُ لأنَّهُ مُخْرَجٌ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

- قوله: (فخرج بعصره لا ينقض) وفي «فتاوى القتابي» (١) وأحاله إلى «النوازل» (٢): عُصِرت القرحة فخرج منها شيء كثير ولو لم يعصرها لا يخرج شيء نقض الوضوء، وكذا ذكر في «العباب» (٣) و «الذخيرة» (٤)، ولكن قال في «الذخيرة»: وفيه نظر. وفي «الفتاوى الظهيرية» (٥) مثل ما ذكر في الهداية.

[فصل في الغسل]

(وَفَرْضُ الْغُسْلِ الْمَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ وَغَسْلُ سَائِرِ الْبَدَنِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- هُمَا سُنَّتَانِ فِيهِ لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ» أَيْ: مِنْ السُّنَّةِ وَذَكَرَ مِنْهَا الْمَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ، وَلِهَذَا كَانَا سُنَّتَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَهُوَ أَمْرٌ بِتَطْهِيرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ

قدم الوضوء على الغسل، إما اقتداءً بكتاب الله تعالى، فإنه ذُكر فيه على هذا الترتيب في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ} [المائدة: ٦] الآية، وباعتبار شدة الاحتياج إلى علم الوضوء، باعتبار كثرة وروده، حتى أن الله ذكر الوضوء بكلمة «إذا» فإنها تذكر في الأمور الكائنة، وذكر الجناية بكلمة «إن» فإنها تذكر في الأمور المترددة.

أو لأن محل الوضوء بعض كل البدن، ومحل الغسل البدن، والبعض قبل الكل.

أو لأن الوضوء وظيفة الحدث الأصغر، والغسل وظيفة الحدث الأكبر، والأصغر مقدمة للأكبر، ثم ترتيب الغسل عليه باعتبار أنهما طهارتان تعلقتا بالبدن.

قوله/ ٧/ ب/ -عليه السلام-: «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ» (٦) قيل: خمس منها في الرأس، وخمسٌ في [البدن] (٧)؛ فالتي في الرأس: الفرق والسواك والمضمضة والاستنشاق وقص الشارب، والتي في الجسد: الختان وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار والاستنجاء بالماء. كذا ذكره الإمام المحبوبي في صوم «الجامع الصغير» (٨).


(١) فتاوى العتابي -مخطوط-.
(٢) النوازل -مخطوط-.
(٣) العباب -مخطوط-.
(٤) الذخيرة -مخطوط-.
(٥) الفوائد الظهيرية -مخطوط-.
(٦) الحديث رواه مسلم في صحيحه (١/ ٢٢٣) كتاب الطهارة باب خصال الفطرة برقم (٢٦١) عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا.
(٧) في (ب): «الجسد».
(٨) الجامع الصغير للمحبوبي -مخطوط-.