للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(إلا أَنَّ مَا يَتَعَذَّرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ خَارِجٌ عَنْ النَّصِّ بِخِلافِ الْوُضُوءِ لأنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْمُوَاجِهَةُ فِيهِمَا مُنْعَدِمَةٌ، وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ حَالَةَ الْحَدَثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ «إنَّهُمَا فَرْضَانِ فِي الْجَنَابَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ» )

- قوله: (إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه خارج) كداخل العينين؛ لما في غسلهما من الضرر والأذى ولهذا سقط غسلهما عن حقيقة النجاسة بهذا، فأما المضمضة والاستنشاق فيمكن غسلهما من غير مشقة حتى افترض غسلهما عن النجاسة الحقيقية فيفترض في الجنابة، كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (١).

- قوله: (لأن الواجب فيه غسل الوجه) ذكر في «الأسرار»: «فاعتباره بالوجه ساقط؛ لأن الوجه اسم لما يواجه الناظر إليه وباطن الفم لا يواجهه الإنسان، ألا ترى أنه لا يجب غسل ما تحت الشعرة في الحدث الأصغر، وها هنا يجب، وكذلك الحدث الأصغر لا يحل بالرِجل في الخف، وهذا [يحل] (٢) فعلم أن ذلك [مقصودها] (٣) على الظواهر، وهذا يعم الظاهر والباطن لغلظه إلا ما لا يمكن غسله فيسقط» (٤)، ولا يقال: فقد يقال: اغتسل فلان ولم يمضمض فعلم أن الاغتسال يتم بدونه؛ لأنا نقول كما يقال ذلك يقال أيضًا: اغتسل. وإن بقيت منه لمعة لما أن الوصف يطلق بالأعم منه مجازًا.

قَالَ: (وَسُنَّتُهُ أَنْ يَبْدَأَ الْمُغْتَسِلُ فَيَغْسِلَ يَدَيْهِ وَفَرْجَهُ. وَيُزِيلَ نَجَاسَةً إنْ كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ)

- قوله: (ويزيل النجاسة) قيل: والأصح أن يقال: ويزيل نجاسة؛ لأن حرف التعريف لا يخلو إما أن يراد به العهد والجنس لا يجوز الأول؛ لأن قوله: إن كانت لكلمة الشك يأباه؛ لأن العهد يقتضي التقرر إما ذكرًا وإما علمًا، ولا يجوز الثاني؛ لأن كون النجاسات كلها في بدنه محالٌ، وأقل النجاسة التي ليس دونها أقل وهو الجزء الذي لا يتجزأ غير مراد أيضًا؛ لأنه علل ذلك في الكتاب بقوله كي لا يزداد بإصابة الماء، وهذا القليل الذي ذكرناه لا يزداد عند إصابة الماء لما أنه ذكر الإمام التمرتاشي: في «الجامع الصغير» (٥) فقال: وفي التفاريق (٦) عن أبي عصمة (٧): لو [أصابه] (٨) النجاسة مثل رءوس الإبر ثم أصاب ذلك الموضع ماء لم ينجس، والله أعلم.


(١) انظر: مبسوط شيخ الإسلام (١/ ٤١) باب الوضوء والغسل.
(٢) في النسختين «محل» والتصويب من كتاب «الأسرار».
(٣) في النسختين «مقصودهما» والتصويب من كتاب «الأسرار».
(٤) الأسرار ص (٣٩٦، ٣٩٧).
(٥) الجامع الصغير للتمرتاشي -مخطوط-.
(٦) التفاريق -مخطوط-.
(٧) نوح بن مريم أبو عصمة، المروزي، الشهير بالجامع، كان على قضاء مرو، تفقه على أبي حنيفة وابن أبي ليلي، وسمَّي بالجامع قيل: إنه أول من جمع فقه أبي حنيفة بمرو، مقدوح فيه عند المحدثين حتى أنه رمي بالوضع. توفي سنة: (١٧٣ هـ). انظر: الأنساب للسمعاني (٣/ ٦٦) والجواهر المضيئة (٢/ ٧، ٨) والفوائد البهئة ص (٢٢١، ٢٢٢)، وتاج التراجم ص (٢٠) وتهذيب التهذيب (١/ ٤٨٧).
(٨) في (ب): «أصابت».