للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلِهَذَا يَرجِعُ العَدْلُ عَلَيْهِ (١) أي: على الراهن دون المرْتَهِنِ، (عِنْدَ الِاستِحْقَاقِ (٢) يعني: بعد الهلاك.

[[يد العدل كيد المرتهن]]

وجه قولنا إن يد العدل كيَد المرتهِن، بدليل أنّه يملك العدل ردَّ الرَّهْنَ برضى المرتهن، وأن الرَّاهِنَ لا يملك قبضه إلا بإذن المرتَهِن، ولو كان يده كيَد الرّاهن لتمكَّن الرّاهن من استرداده متى شاء، ويده كيَد الرّاهن أيضاً في حق الحفظ، فإن المرتهن كما أمره بالقبض ليحبس له، كذلك أمره الرّاهن ليحفظ عليه، فصار العدل نائباً عنهما فصار يد العدل كيَد الرّاهن ويد المرتهن (٣).

ويجوز أن تجعل اليد الواحدة في حكم اليدين، كما قالوا فيمن عجَّل زكاة ماله إلى السّاعي قبل حَوَلان الحول (٤) كان يد السّاعي (٥) يد صاحب المال [من وجه] (٦) ويد الفقير من وجه، فَيَدُ صاحب المال من حيث إنّه لو انتقص النصاب قبل حوَلان الحولِ أو هلك النِّصاب كان لصاحب المال استرداد ما دفعه إلى السّاعي إذا كان ما دفع إليه قائماً في يده، بخلاف ما لو دفعه إلى الفقير، ويد الفقير من حيث إنَّه لو [هلك] (٧) الزكاة في يد السّاعي وبقي النِّصابُ إلى آخر الحول يقع المؤدَّى موقع الزكاة كما لو دفعه إلى الفقير فكذلك يدل (٨) العدل ههنا (٩).

وبأن كان يرجع بضمان (١٠) الاستحقاق على الرّاهن فذلك لا يدلّ على أنّ يده يد المرتَهِن لا غير، كالمرتهن نفسه، يعني أنّ الرّهن لو هلك في يده ثم استحقّه مستحق وضمن المرتهن فإنّه يرجع على الراهن بما ضمن وبدينه على ما يجيء في آخر هذا الباب من الكتاب (١١).


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٤١).
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٤١).
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ٧٨)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٣).
(٤) والحَوْلُ: سنة بأسرها، تقول: حال الحول وهو يحول حولا وحؤولا وأحال الشيء: إذا أتى عليه حول كامل. يُنْظَر: العين (٣/ ٢٩٧)، تاج العروس (٢٨/ ٣٦٥).
(٥) سعى الرجل يسعى سعيا، أي: عدا، وكذلك إذا عمل وكسب. وكل من ولي شيئا على قوم فهو ساع عليهم، وأكثر ما يقال ذلك في ولاة الصدقة. يقال: سعى عليها، أي عمل عليها; وهم السعاة. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (٦/ ٢٢٧)، المصباح المنير (١/ ٢٧٧)، القاموس المحيط (١٦٧٠).
(٦) سقط في (ب).
(٧) كذا في (أ) و (ب)، والصواب (هلكت) لموافقتها سياق الكلام والله أعلم.
(٨) وفي (ب) (يد) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٩) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٣/ ٢٤)، بدائع الصنائع (٢/ ٥٢) البناية شرح الهداية (١٣/ ٤).
(١٠) الضمان لغةً: جعل الشيء في شيء يحويه، والضمان يطلق على الحفظ، والرعاية، ويقال: فلان ضامن، وضمين، وكافل، وكفيل.
يُنْظَر: تهذيب اللغة؛ للأزهري (١٢/ ٣٦، ٣٧)، لسان العرب؛ لابن منظور (١٣/ ٢٥٧)، القاموس المحيط؛ للفيروزأبادي (١٥٦٤).
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ٧٨).