للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ إنَّما لا يرجع العدل على المُرْتَهِنِ ضمان (١) الاستحقاق، مع أنّ العدل نائب عن المُرْتَهِنِ في القبض للحبس له؛ لأن المستحق إنّما يضمن العدل بضمان الغصب (٢)، والغصب إنّما يتحقّق بالنّقل والتّحويل ولو ولم (٣) يوجد من المرتهن نقل وتحويل لا حقيقة ولا حكماً، بل وجد نقل العين من العدل، والعدل في حق العين نائب عن الرّاهن وفي حق المالية نائب عن المُرْتَهِنِ وكانت العبرة لنقل العين، لأنّ العين هو الأصل فلذلك يقع (٤) بضمان الاستحقاق على الرّاهن دون المرتهن (٥).

فإن قلت: لو قال الخصم: إنّ الرهن لا يتم إلا بقبض المُرْتَهِنِ، وبقبض العدل لم يوجد قبض المرتهن لا حقيقة ولا حكماً، أمّا حقيقة: فظاهر، وأمّا حكماً؛ فلأنَّه لو جعل [قبض العدل بمنزلة] (٦) قبض المرتهن حكماً إنما يجعل بسبب موافقته الرّاهن على قبض العدل ولا تأثير لذلك؛ لأنّ الرهن لا يتم بقبض الراهن وإن (٧) اتفقا عليه، فكذلك لو اتفقا على قبض العدل، ولأنّ العدل لم يصر نائباً عن المرتهن في القبض وإن أمر المُرْتَهِنُ العدل بقبضه؛ لأنّ الأمر إنّما يصح إذا لاقى حقاً مستحقاً للآمر وبعقد الرهن لم يصر القبض حقاً للمُرْتَهِنِ حتّى كان للرّاهن أن يمنع الرّهن من المُرْتَهِنِ فإذا لم يصح الأمر من المُرْتَهِنِ صار وجود الأمر منه بعد ذلك وعدمه بمنزلة، ولو عُدم منه الأمر (٨) حقيقة لم يكن العدل نائباً عنه في القبض فكذلك فيما لم يصحّ الأمر، والدّليل على أنّ الأمر عند عدم صحته بمنزلة عدم الأمر حقيقة، أنّ من اشترى شيئاً فَقَبْلَ قَبْضِهِ اتفق البائع والمشتري على أن يضع (٩) المبيع على يد (١٠) عدل إلى أن يوفي المشتري الثمن فقبضه العدل [فكان هو] (١١) نائباً عن البائع لا عن المشتري حتّى لو هلك كان الهلاك على البائع؛ لأنّ أمر المشتري العدل بقبض المبيع فيما ليس له قبض المبيع قبل نقد الثّمن لا يصحُّ؛ فلذلك صار وجود الأمر وعدمه منه بمنزلة، فكذلك ههنا ما جوابنا عنه (١٢).


(١) وفي (ب) (بضمان)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٢) الغَصْبُ لغةً: أخذ الشيء ظلماً، وقهراً، مالاً أوغير مال.
يُنْظَر: العين (٤/ ٣٧٤)، تهذيب اللغة؛ للأزهري (٨/ ٦٢)، لسان العرب؛ لابن منظور (١/ ٦٤٨)، طلبة الطلبة؛ للنسفي (٢١٤).
واصطلاحاً: أخذ مالٍ، متقومٍ، محترمٍ، بغير إذن المالك، على وجه يزيل يده.
يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١١)، التعريفات؛ للجرجاني (٢٠٨).
(٣) وفي (ب) (لم)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٤) وفي (ب) (رجع)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٥) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ٨٠)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٢)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٢٩١، ٢٩٢).
(٦) زيادة في (ب).
(٧) وفي (ب) (إن).
(٨) وفي (ب) (الأمر منه).
(٩) وفي (ب) (يضعا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٠) وفي (ب) (يدي).
(١١) سقط في (ب).
(١٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٣).