للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بابُ الصُّلْح في الدَّين (١):

لما ذكر حكم الصلح عن عموم الدعاوي ذكر في هذا الباب حكم صلح الخاص من الدعوى وهو: دعوى الدين؛ لأن الخصوص أبدًا يكون بعد العموم.

(وكل شيء وقع عليه الصلح): أي: كل شيء هو بدل الصلح، (وهو مستحق بعقد المداينة): أي: بدل الصلح من جنس الذي استحقه المدعي على المدعى عليه يعني: ما وقع عليه الصلح من جنس ما يستحقه المدعي على المدعى عليه بالعقد الذي جرى بينهما بطريق المداينة وهي البيع بالدين، صورته باع ثوبًا معينًا مثلًا بعشرة دراهم وافترقا من غير قبض الدراهم من غير ذكر الأجل ثم تصالحا على خمسة دراهم فإنه يجوز. وإن افترقا من غير قبض بدل الصلح الذي هو خمسة دراهم، لأن هذا الصلح محمول على (أنه استوفى بعض حقه وأسقط باقيه) وإنما قيدنا بقولنا: من غير ذكر الأجل فإنه لو كانت له ألف مؤجلة (فصالحه على خمسمائة) حالة لم يجز ما يجيء بالكتاب وإنما حمل هذا على الإسقاط دون المبادلة؛ لأن مبادلة العشرة بالخمسة لا تجوز فيكون مسقطًا بعض الحق بغير عوض وذلك صحيح مع ترك القبض فيما بقي كذا في المبسوط (٢) ثم إنما ذكر عقد المداينة مع أن الحكم في الغصب كذلك حملًا لأمر المسلم على الصلاح فكان هذا نظير قوله - عليه السلام -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" (٣) ثم اعلم أن فائدة الجهل على استيفاء البعض


(١) العنوان: ساقط من (أ).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ٢١/ ٢٧.
(٣) أخرجه البخاري (١/ ١٢٢)، كتاب الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، حديث (٥٩٧)، ومسلم (١/ ٤٧٧)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب قضاء الصلاة الفائتة رقم (٦٨٤)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.