للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تعريف الصيام]]

أمّا تفسيرُهُ لغةً: فهو عبارةٌ عن الإمساكِ عن أيِّ شيءٍ كان في أيِّ وقتٍ كانَ.

قالَ اللهُ تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} (١)، أي: إمساكاً عن الكلامِ، وقال -عليه الصلاة والسلام- في صومِ عاشوراءَ: «ومَنْ أَكَلَ فليصُمْ بقيةَ يومهِ» (٢)، أي: فليمُسكْ بقيةَ يومهِ، ويُقال: صامتْ الشَمسُ إذ أمسكتْ عن السيرِ وقتَ الزَّوالِ (٣)، ومنه قول النابغة (٤):

خيلٌ صُياِمٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ تحتَ العجاجِ وأُخرى تعلكُ اللجما (٥)

أي: ممسكةٌ عنِ العَلفِ في الرعي وغيرُ ممسكة (٦).

وفي الشريعةِ: عبارةٌ عنْ إمساكٍ مخصوصٍ، هو الكفُّ عن قضاءِ الشهوتينِ: شهوةُ البطنِ، وشهوةُ الفرجِ مِنْ شخصٍ] مخصوصٍ (٧)، وهو أنْ يكونَ طاهراً عن الحيضِ والنفاسِ في وقتٍ مخصوصٍ، وهو ما بعدَ طُلوعِ الفجرِ إلى غروبِ الشمسِ بصفةٍ مخصوصةٍ، وهي أنْ يكونَ على قصدِ التُّقربِ، فالاسمُ شرعيُّ فيهِ معنى اللُّغةِ (٨).

وأمَّا سَببُه فشهودُ الشهرِ (٩)؛ لأنَّ الصَّوْم يُضافُ إليهِ، يُقالُ: صومُ الشهرِ، قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} إلى قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (١٠)، ففيه بيانُ السببِ الذي جعلهُ الشرعُ مُوجباً، وهو شهودُ الشهرِ، وأمرٌ بالأَداءِ (١١).


(١) سورة مريم الآية (٢٦).
(٢) رَوَاهُ الْبُخَارِيُ في صحيحه، كتاب الصَّوْم، باب صيام يوم عاشوراء (٢٠٠٧)، من حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-.
(٣) يُنْظَر: التعاريف للمناوي (ص: ٤٦٦).
(٤) هو: زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة: شاعر جاهلي، من الطبقة الاولى، كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها، وكان الاعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة، وكان أبو عمرو بن العلاء يفظله على سائر الشعراء، وهو أحد الاشراف في الجاهلية.
يُنْظَر: (تكملة الإكمال: ٢/ ٦٧١)، (الأَعْلَام للزركلي: ٣/ ٥٤)، (معجم المؤلفين: ٤/ ١٨٨).
(٥) يُنْظَر: ديوان النابغة الذبياني (١/ ١١٥)، خزانة الأدب وغاية الأرب: (٢/ ٤٢).
(٦) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع: (٢/ ٧٥).
(٧) سقطت في (ب).
(٨) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٣/ ٩٧).
(٩) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٣٤).
(١٠) سورة البقرة الآية (١٨٣ - ١٨٥).
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٣/ ٩٧).