للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَمَنْ رَأَى وَجْهَ غَيْرِهِ يُخْبِرُ عَنْ رُؤْيَتِهِ)

يَقُولُ: رَأَيْتُ زَيْداً مَثَلاً، وَإِنْ لَمْ يَرَ إِلَّا أَحَدَ جَوَانِبِهِ الْأَرْبَعَةِ، أَيْ: أَحَدُ جَوَانِبِ ذَلِكَ الْغَيْرُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ، ذُو أَطْرَافٍ أَرْبَعَةٍ فَكَانَ الْوَجْهُ أَحَدُ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فِي الفوائد الظهيرية.

قَوْلُهُ -رحمه الله-: يَعْنِي (عَلَى هَذَا الاخْتِلَافِ)

أَيِ: الاخْتِلَافُ الَّذِي تَقَدَّمَ آنِفًا؛ وَهُوَ أَنَّ انْكِشَافَ رُبْعِ الْعَوْرَةِ، مَانِعٌ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ انْكِشَافُ النِّصْفِ فِي رِوَايَةٍ، وَانْكِشَافُ مَا فَوْقَهُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ.

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (هُوَ الصَّحِيحُ)

[[الشعر المسترسل هل هو عورة]]

احْتِرَازٌ عَنِ اخْتِيَارِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّعْرِ مَا عَلَى الرَّأْسِ، وامَّا الْمُسْتَرْسِلُ هَلْ هِيَ عَوْرَةٌ؟

فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي "التَّجْنِيسِ" مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَ فِي "الْهِدَايَةِ" (١) فَقَالَ الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ، وَشَعْرُهَا مَا تَحْتَ الْأُذُنَيْنِ مَكْشُوفٌ؛ قَدْرُ الرُّبُعِ، لَا يَجُوزُ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّ (٢) فِي كَوْنِ الْمُسْتَرْسِلِ مِنْ شَعْرِهَا/ عَوْرَةً؛ رِوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَ (٣) الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ (٤) -رحمه الله- هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَهِيَ أَنَّهُ عَوْرَةً احْتِيَاطاً (٥)؛ لِأَنَّ تِلْكَ (٦) الرِّوَايَةِ، اقْتَضَتْ أَنْ يَجُوزَ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرُ إِلَى صِدْغِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَطَرْفِ نَاصِيَتِهَا، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ -رحمه الله- (٧) وَهَذَا أَمْرٌ يُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَةِ؛ فَكَانَ الاحْتِيَاطُ فِي الْأَخْذِ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ.


(١) "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٦).
(٢) في (ب): (لأنها).
(٣) في (ب): (واختيار).
(٤) هو نصر بن محمد بن إبراهيم الإمام الفقيه، أبو الليث السمرقندي الحنفي، من أئمة الحنفية، ومن الزهاد المتصوفين، صاحب كتاب " الفتاوى "، وفي كتابه " تنبيه الغافلين " موضوعات كثيرة؛ رواه عنه أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الترمذي. مات ببلخ سنة ٣٧٣ هـ، انظر " تاريخ الإسلام للذهبي " (٨/ ٤٢١)، الأعلام للزركلي (٨/ ٢٧)
(٥) "مختلف الرواية" لأبي الليث السمرقندي (١/ ١٨٤).
(٦) (تلك): ساقطة من (ب) ..
(٧) انظر: " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٦١)، " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ١٣٠).