للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنَّ الْكِرَامَ كَثِيرٌ فِي الْبِلَادِ، وَإِنْ قَلُّوا، كَمَا غَيْرُهُمْ قَلَّ، وَإِنْ كَثَرُوا (١) فَكَانَتْ نِسْبَةُ الْكَثْرَةِ، إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، لِمَعْنًى عَلَى حِدَةٍ، فَلَا يَتَنَافَيَانِ حِينَئِذٍ (٢).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (إِذْ هُمَا مِنْ أَسْمَاءِ الْمُقَابَلَةِ)

وَذَكَرَ فِي " الْمَبْسُوطِ ": (الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ إِذَا (٣) قُوبِلَ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ؛ يَكُونُ قَلِيلًا، وَإِذَا قُوبِلَ بِمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ؛ يَكُونُ كَثِيرًا) (٤)، فَكِلْتَا الْعِبَارَتَيْنِ صَحِيحَتَانِ، (٥) لِمَا أَنَّ الْقَلِيلَ، إِنَّمَا اسْتَحَقَّ اسْمَ الْقَلِيلِ، بِاعْتِبَارِ الْمُقَابِلِ، وَإِلَّا لَيْسَ لَهُ هَذَا الاسْمُ [شِرْكَةً] (٦) فَكَذَا الْكَثِيرُ، فَكَانَتِ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ، مِنْ أَسْمَاءِ الْمُقَابَلَةِ، وَكَذَلِكَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ، لَمَّا أُطْلِقَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، بِاعْتِبَارِ مَا يُقَابِلُهُ، كَانَ اسْمًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (فَاعْتُبِرَ الْخُرُوجُ عَنْ حَدِّ الْقِلَّةِ).

هَذَا دَلِيلُ الْإِعَادَةِ لَمَّا (٧) أَنَّ النِّصْفَ؛ لَمَّا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْقِلَّةِ، كَانَ دَاِخِلًا تَحْتَ حَدِّ الْكَثْرَةِ لِأَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْقِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ هُوَ مَا يُقَابِلُهُ كَثِيرٌ، وَمُقَابِلُ النِّصْفِ لَيْسَ بِكَثِيرٍ، فَكَانَ هُوَ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ، مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، فَلَزِمَهَا الْإِعَادَةُ أَوْ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي ضِدِّهِ، هَذَا دَلِيلُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ، أَيِ: النِّصْفُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي ضِدِّ الْقَلِيلِ؛ وَهُوَ الْكَثِيرُ، فَكَانَ قَلِيلًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَدِّ الْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَ (٨) هُوَ مَا يُقَابِلُهُ قَلِيلٌ، وَمُقَابِلُ النِّصْفِ لَيْسَ بِقَلِيلٍ، فَكَانَ هُوَ قَلِيلًا فِي نَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُهَا الْإِعَادَةُ.


(١) في (ب): (كثر). انظر: " تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل" (١/ ١١٨).
(٢) (حينئذ): ساقطة من (ب) ..
(٣) في (ب): (لما).
(٤) "المبسوط"للسرخسي (١/ ١٩٧).
(٥) في (ب): (ولكن العبارتين صحيحتان).
(٦) (شركة): زيادة من (ب).
(٧) في (ب): (لا لما).
(٨) (لأن الكثير)، من هامش المخطوط (أ).