للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[مكان وقوف المأموم مع الامام]]

أي: فيما إذا كان خلف الإمام أو يساره يعتبره مسيئًا في الحالين؛ لأنه ترك السنة في المقام، ومنهم من فرق، وقال: لا يكون مسيئًا إذا قام خلف الإمام، ويكون مسيئًا إذا قام على يساره، وذلك لأنه إذا قام خلف الإمام (١) وحده فقد عمل بما عمل به واحد من أصحاب رسول الله عليه السلام، ولم يتصل بفعله رد من جهة النبي عليه السلام وهو ابن عباس رضي الله عنه، فإنه كان وحده وقد قام خلف رسول الله عليه السلام، ورسول الله عليه السلام دعا له بالعلم والفقه، فلم يصر تاركًا للسنة من كل وجه، ومتى قام على يساره فقد عمل (٢) ما فعله واحد من أصحاب رسول الله عليه السلام، وهو حذيفة رضي الله عنه إلا أنه اتصل بفعله رد من جهة النبي عليه السلام، فصار تاركًا للسنة من كل وجه فكان مسيئًا، ونقل ذلك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (٣)، وهو ما روي أن ابن مسعود رضي الله عنه صلى بعلقمة والأسود، فقام وسطهما (٤)، والمعنى أن الاصطفاف خلف الإمام من سنة إقامة الصلاة بجماعة، والاثنان ليسا بجماعة حقيقة وحكما أما الحقيقة فلا ينطلق عليهما اسم الجماعة وهو الرجال، بل يقال: رجلان، وأما حكمًا فإن الجمعة لا ينعقد بهما (٥) (٦).


(١) ساقط من (ب). (ويكون مسيئًا إذا قام على يساره، وذلك لأنه إذا قام خلف الإمام)
(٢) في (ب): علم.
(٣) هو: عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، أبو عبد الرحمن: صحابي. من أكابرهم، فضلًا وعقلًا، وقربًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو من أهل مكة، ومن السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة. نظر إليه عمر يوما وقال: وعاء ملئ علما. وولي بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بيت مال الكوفة. ثم قدم المدينة في خلافة عثمان، فتوفي فيها عن نحو ستين عامًا سنة ٣٢ هـ.
ينظر: الإصابة في تمييز الصحابة (٤/ ٢٣٣)، الطبقات الكبرى (٣/ ١٥٠)، و (تهذيب الكمال: ١٦/ ١٢١).
(٤) رواه الترمذي في سننه (٢٣٣)، كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي مع الرجلين. وأحمد في مسنده (٣٩٢٧ - ١/ ٤١٣). وهُوَ مَوْقُوفٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ. (نصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشيته بغية الألمعي في تخريج الزيلعي/ كتاب الصلاة/ باب الإِمامة/ ٢/ ٣٣).
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٥٥.
(٦) انعقاد الصلاة والمصلي تحقق تمامه موقوف على وجود تمام الأركان لأن دخول الشيء في الوجود بدخول جميع أركانه، فَأَقَلُّ من تَنْعَقِدُ بِهِ الْجَمَاعَةُ اثْنَانِ وهو أَنْ يَكُونَ مع الْإِمَامِ وَاحِدٌ لِقَوْلِ النبي -صلى الله عليه وسلم- الِاثْنَانِ فما فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَأْخُوذَةٌ من مَعْنَى الِاجْتِمَاعِ وَأَقَلُّ ما يَتَحَقَّقُ بِهِ الِاجْتِمَاعُ إثنان. ينظر: بدائع الصنائع ١/ ١٥٦)، شرح فتح القدير (٢/ ٦٢)