للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستثناء بـ (إن شاء الله) في الإقرار]

(ومن أقرَّ بشيء وقال: إن شاء الله) إلى آخره. قال: في الباب الأول من إقرار المبسوط (١) وما (٢) لو قال: غصبتك هذا العبد أمس إن شاء الله تعالى لم يلزمه شيء استحسانًا وفي القياس استثناؤه باطل؛ لأن ذكر الاستثناء بمنزلة ذكر الشرط وذلك إنما يصح في الإنشاءات دون الإخبارات؛ ولكنه استحسن فقال الاستثناء مخرج للكلام من أن يكون عزيمة لا أن يكون في معنى الشرط فإن الله تعالى أخبر عن موسى عليه السَّلام حيث قال: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا (٦٩)} [الكهف من: ٦٩]، ولم يصبر ولم يعاتب على ذلك والوعد من الأنبياء كالعهد من غيرهم. فدل أن الاستثناء مخرج للكلام من أن يكون عزيمة، وقال عليه السَّلام: "من استثنى فله ثنياه" (٣) والإقرار لا يكون ملزمًا إلا لكلام هو عزيمة لكن إنما يعمل هذا الاستثناء إذا كان موصولًا بالكلام لا إذا كان مفصولًا إلا على قول (٤) ابن عباس (٥) - رضي الله عنه - فإنه قال: يعمل


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٧/ ١٩١.
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) ذكره ابن حجر في التلخيص الحبير (٣/ ٤٥٨)، قال: "حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من طلق أو أعتق واستثنى فله ثنياه" أبو موسى المديني في ذيل الصحابة من حديث معدي كرب".
وأخرجه البيهقي ٧/ ٥٩١، كتاب الخلع والطلاق: باب الاستثناء في الطلاق، والعتق والنذور، ح: (١٥١١٨)، وابن عدي في الكامل ١/ ٣٣٢ من حديث من حديث ابن عباس من قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله فلا شيء عليه ومن قال لغلامه أنت حر إن شاء الله أو عليه المشي إلى بيت الله فلا شيء عليه.
قال ابن عدي في الكامل: "وقال إسحاق هذا يروي عن الثقات وغيرهم المناكير".
(٤) أثر ابن عباس: أخرجه الحكم في المستدرك (٤/ ٣٣٦)، كتاب الأيمان، رقم: (٧٨٣٣) والبيهقي (١٠/ ٤٨)، كتاب الأيمان، باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه … إلخ، رقم: (١٩٩٣١) من طريق الأعمش، عن مجاهد عن ابن عباس "أنه كان يرى الاستثناء، ولو بعد سنة". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي".
(٥) ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي، حبر الأمة، الصحابي الجليل. ولد بمكة. لازم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه الأحاديث الصحيحة. وشهد مع علي الجمل وصفين. وكف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف، وتوفي بها سنة ٦٨ هـ. له في الصحيحين وغيرهما. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٣٣١).