للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستثناء وإن كان مفصولًا استدلالًا بقوله عليه السَّلام: "والله لأغزُونَّ قريشًا ثم قال: بعد ستة إن شاء الله" (١) ولكنا نقول: الاستثناء مخرج لكلامه من أن يكون عزيمة فكان مغير الموجب مطلق الكلام والتغيير إنما يصح موصولًا بالكلام لا مفصولًا فإن المفصول بمنزلة الفسخ (٢) والتبديل، والمقر لا يملك ذلك في إقراره فكذلك لا يملك الاستثناء المفصول وهذا بخلاف الرجوع عن الإقرار فإنه لا يصح وإن كان موصولًا؛ لأن رجوعه نفي لما أثبته فكان تناقضًا منه والتناقض لا يصح مفصولًا كان أو موصولًا أما هذا فبيان فيه تغيير فإن الكلام نوعان: لغو، وعزيمة فبالاستثناء تبين أن كلامه ليس بعزيمة وبيان التغيير يصح موصولًا لا مفصولًا بمنزلة التعليق بالشرط، وأما الحديث فقلنا قوله: بعد ستة إن شاء الله لم يكن على وجه الامتثال لما أمر به قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ (٢٤)} [الكهف من: ٢٤].


(١) أخرجه أبو يعلى في مسنده (٥/ ٧٨)، ح: (٢٦٧٤)، والطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٢٨٢) ح: (١١٧٤٢)، وابن حبان في صحيحه (١٠/ ١٨٥)، كتاب الأيمان، باب ذكر نفي الحنث عمن استثنى في يمينه بعد سكتة يسيرة، ح: (٤٣٤٣) من طريق شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والله لأغزون قريشًا، والله لأغزون قريشًا، والله لأغزون قريشًا" ثم قال: "إنْ شاء الله".
وفي هذا الإسناد: شريك بن عبد الله القاضي سيء الحفظ، ورواية سماك عن عكرمة مضطربة. يُنْظَر: تقريب التهذيب (٢٥٥، ٢٦٦).
وروي الحديث مرسلًا: أخرجه أبو داود (٢/ ٢٥٠)، كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت، ح: (٣٢٨٥)، والبيهقي (١٠/ ٨٢)، كتاب الأيمان، باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه، ح: (١٩٩٢٩) من طريق قتيبة بن سعيد، ثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال … فذكره.
قال الزيعلي في نصب الراية (٣/ ٣٠٣): "الصحيح مرسلٌ"، وقد رجح المرسل أيضا أبو حاتم الرازي. يُنْظَر: العلل (١/ ٤٤٠، ح: ١٣٢٢).
(٢) في (ب): السيخ.