للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لأن الاستثناء بمشيئة الله تعالى إما إبطال أو تعليق): إنما ردد بين هذين اللفظين؛ لأن في الاستثناء بمشيئة الله تعالى مذهبين: أحدهما: أنه لإبطال الكلام فيبطل به الكلام تقدم أو تأخر، والآخر: أنه تعليق بالشرط والتعليق بشرط مشيئة الله تعالى صحيح في المنع من الوقوع كذا ذكره الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في الباب الأول من طلاق الجامع الكبير (١) (٢) وذكر الإمام قاضي خان رحمه الله في ذلك الباب من الجامع اختلف أبو يوسف ومحمد في هذه المسألة (٣) فقال أبو يوسف رحمه الله التعليق بمشيئة الله تعالى إبطال، وقال محمد (٤) هو تعليق (بشرطٍ لا يُوقفُ عليه) وإنما يظهر ثمرة الاختلاف فيما إذا قدم المشيئة وقال: إن شاء الله أنت طالق عند أبي يوسف لا يقع الطلاق؛ لأنه إبطال وقال محمد: يقع؛ لأنه تعليق فإذا قدم الشرط ولم يذكر الجزاء، لم يتعلق ونفي الطلاق من غير شرط فوقع.


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ٨/ ١٤٣.
(٢) الجامع الكبير في الفروع: للإمام المجتهد أبي عبد الله مُحَمَّد بن الحسن الشيباني الحنفي المتوفى: سنة ١٨٩ هـ، سبع وثمانين ومائة، قال الشيخ: أكمل الدين: هو كاسمه لجلائل مسائل الفقه جامع كبير قد اشتمل على عيون الروايات ومتون الدرايات بحيث كاد أن يكون معجزًا ولتمام لطائف الفقه يُنْظَر: كشف الظنون (١/ ٥٦٩).
(٣) يُنْظَر: البحر الرائق ٤/ ٤٣.
(٤) في (أ) يوجد كلام على الهامش هو: وإن أقر بشرط الخيار لزمه المال وبطل الشرط معناه إذا قال عليَّ لفلان ألف درهم قرض أو غصب أو وديعة أو عارية قائمة أو مستهلكة على أنه بالخيار ثلاثة أيام، وأما إذا قال علي ألفي درهم من ثمن بيع بعضه عليَّ أنه بالخيار صح ويثبت الخيار إذا صدقه المولى أو أقام ذلك بينة بأن المقر به عقد يقبل الخيار فيصح إذا ثبت بحجة وإن كذبه المقر به لم يثبت الخيار وكان القول قول المولى؛ لأنه من العوارض كالأجل والقول في العوارض قول المقر وإن أقر بالدين بسبب كفالة على أنه بالخيار في مدة معلومة طويلة أو قصيرة جاز إن صدقه المقر له؛ لأن الكفالة عقد يصح اشتراط الخيار فيه بخلاف الصور المتفرقة؛ لأنها أفعال لا تقبل الخيار فكذا الإقرار.