للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: الفرق بينهما ثابت فإنا إنما أوجبنا القصاص على الجماعة بقتل الواحد لرد غلبة القتل بغير حق من غير اعتبار المماثلة وهذا لا يوجد فيما نحن فيه.

قلنا: [لا] (١) كذلك بل المماثلة مرعِيَّة في القصاص في جميع الصور ثم الزيادة في العدد أبلغ من الزيادة في الوصف، فإذا كان لا يقتل المسلم بالمستأمن وعلى قوله بالذمي والحر بالعبد لانعدام المماثلة مع الحاجة إلى ردِّ غلبة القتل بغير حق فلأن لا يقتل العشرة بالواحد أولى.

وكذلك في كل موضع يتعذر اعتبار المماثلة نحو كسر العظام لا يجب القصاص والحاجة إلى رد غلبة الجناية هنا بغير حق يتحقَّق، ولكن توهم الزيادة يمنع القصاص فتحقق الزيادة؛ لأن يمنع من ذلك (٢) كان أولى فعرفنا أنه إنما يقتل العشرة بالواحد بطريق المماثلة.

وبيان ذلك: هو أنَّ القتل مما لا يحتمل التجزئ فإذا اشترك الجماعة فيما لا يحتمل التجزئ فإما أن ينعدم أصلاً أو يتكامل في حق كل واحد منهم كأنه ليس معه غيره ولم ينعدم ههنا بالإتفاق، فعرفنا أنَّه تكامل في حقِّ كل واحد منهم، فكان كل واحد منهم قاتلاً على سبيل الكمال بمنزلة الأولياء في التَّزويج بتكامل الولاية لكلّ واحد منهم وفي هذا المعنى القتل الذي هو عدوان والقتل الذي هو جزاء سواء فإن الأولياء إذا اجتمعوا وقتلوا كان كل واحد منهم قاتلاً بكماله [كذا في المبسوط] (٣) (٤).

[[صورة المسألة المختلف فيها مع الشافعي]]

(المُفْرِضُ إِذَا أَخَذَا (٥) سِكِّيْناً وَأَمَرَّاهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى انْقَطَعَت (٦) أي: صورة المسألة المختلف فيها بيننا وبين الشافعي - رحمه الله- فيما إذا أخذ الرجلان سكينًا واحداً ووضعاه في جانب واحد من يده وأمرَّاه على مِفصل يده حتى أبانا يده أمَّا لو وضع أحدهما السكين من جانب والآخر من جانب آخر وأمرَّا حتى التقا السكينان لا يجب القصاص عنده أيضاً (٧) وهنا (بِخِلَافِ النَّفْسِ (٨) فإنه [إذا] (٩) وضع أحدهما السكين على حلقه والآخر على قفاه وأمرَّا حتى التقى السكينان يجب القصاص عليهما؛ لأنَّ القتلى (١٠) إزهاق للحياة وهو لا يحتمل الوصف بالتجزئ فيضاف إلى كلِّ واحد منهما كملا.


(١) زيادة في (ب).
(٢) وفي (ب) (ذكر).
(٣) زيادة في (ب).
(٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٢٨).
(٥) وفي (ب) (أخذ).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٩).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (٤/ ١٩٠)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٢٧).
(٨) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٩).
(٩) زيادة في (ب).
(١٠) وفي (ب) (القتل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.