للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك الخيار ثابت للعاقد صفة له (١) وانقطع بموته، ولم يصير ميراثاً للوارث، فيصير البيع لازماً، كما لو لم يمت فسقط الخيار بالعيب، وهذا كما لا يورث عندكم خيار المجلس لو مات أحدهما في المجلس ويصير البيع لازماً، وكذلك البيع بأجل غير موجب للمطالبة بالثمن، وإذا مات المشتري وجبت (٢) المطالبة بالثمن؛ لأن الحق الثابت بالأجل براءة المشتري (٣) عن المطالبة، وهو صفته فلا يورث عنه، وإذا لم يورث وجبت المطالبة"

[[خيار العيب وتوريثه]]

(بخلاف خيار العيب لأن المورث استحق المبيع سليماً، فكذا الوارث)

فكان هذا يورثنا في الأعيان لا في نفس (٤) الخيار.

وذكر في المبسوط (٥): "فأما خيار العيب فلا نقول (٦) بأنه يورث، ولكن سبب الخيار (٧) يتقرر في حق الوارث، وهو استحقاق المطالبة بتسليم الجزء والفائت؛ لأن ذلك جزء من المال مستحق للمشتري بالعقد، فإذا طالب البائع بتسليمه وعجز عن التسليم فسخ العقد لأجله، وقد وجد هذا المعنى في حق الوارث؛ لأنه يحلف المشتري في ملك ذلك الجزء، ألا ترى أن/ الخيار قد ثبت ابتداء للوارث، وإن لم يكن ثابتاً للمورث، بأن يتعيب المبيع في يد البائع بعد موت المشتري قبل أن يقبضه الوارث، بخلاف خيار الشرط، فإن السبب -وهو الشرط- لا يوجد في حق الوارث، ولا يمكن التوريث فيه".

وذكر في الأسرار (٨) في هذه المسألة: "فالخيار في مسألتنا هو الحكم الأصلي، وحكمه راجع إلى العقد، فلا يبقى الحكم بدون أصله، وفي العيب الحكم الأصلي بالبيع صفة سلامة استحقها المشتري، وحكمه عند عدمها في إثبات الخيار لمالك المبيع فأوجب للوارث (٩) لما (١٠) قام مقامه في ملكه كان هو لقيامه مقامه في السبب.

ألا ترى أن الوكيل بالشراء إذا اشترى على أنه بالخيار لم يثبت للموكل (١١) بثبوت الملك له، وثبت له خيار العيب بثبوت الملك له، وكذلك خيار الرؤية، لا يورث عندنا، ولكنه لما ثبت للمشتري؛ لأنه (١٢) ملك المبيع مجهول الوصف؛ لعدم الرؤية، والوارث بعد موته قائم مقامه، نائباً عنه في الملك، كأنه هو، وكذلك إذا اشترى أحد الثوبين على أنه بالخيار يأخذ أيهما شاء بعشرة دراهم، ويرد الآخر فمات لم يورث الخيار الثابت بالشرط، وسقط بالموت، ولكن ورث المبيع، وهو مجهول فيثبت له خيار التعين (١٣) كمن اختلط ماله بمال رجل يثبت له خيار التعين، فصار الأصل أن خيار الفسخ متى كان يثبت بوصف ثابت للمبيع ثبت للوارث لانتقال المبيع إليه بوصفه، فيثبت له خيار مبتدأ لا مورث (١٤) كخيار الإقالة، ومتى ثبت الخيار أصلاً بالشرط وبالصفة ثم تعدى حكمه إلى المبيع صح، وانقطع بالموت، وارتفع حكمه؛ لأن نفسه لا تورث، وهو علته، فكذلك حكمه لم يورث. ولهذا نقول: إن خيار الشفعة لا يورث؛ لأنه مشيئة للشفيع بين أن يأخذ المبيع بشراء، وبين أن يدعه بملك كان له عند الشراء، إلا بالقائم عند الأخذ، والخيار لا يورث على ما مر، والملك القائم عند الشراء (١٥) لم يصر للوارث، وإنما صار له ما بقي بعد موته".


(١) سقط من (ب).
(٢) "وجبت" في (ب).
(٣) "للمشتري" في (ب).
(٤) سقط من (ب).
(٥) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤٣) باب خيار الشرط.
(٦) "به" زيادة في (ب).
(٧) سقط من (ب).
(٨) الأسرار (١/ ٣٣٩ - ٣٤٠ - ٣٤١).
(٩) "حكما" زيادة في (ب).
(١٠) سقط من (ب).
(١١) "للوكيل" في (ب).
(١٢) "ولاية" في (ب).
(١٣) لو بين البائع أثمان شيئين أو أشياء من القيميات كل على حدة على أن المشتري يأخذ أياً شاء بالثمن الذي بينه له، أو البائع يعطي أياً أراد كذلك، صح البيع وهذا يقال له: خيار التعيين. مجلة الأحكام العدلية (ص: ٦٣).
(١٤) "بحلاف" زيادة في (ب).
(١٥) "المشتري" في (ب) و (ج) ..