للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كتاب النكاح]

وقد ذكرنا في صدر الكتاب أن المعاملات في المشروعات تالية العبادات لما أنّها سبب لِبَقَاءِ الْعَابِدِينَ وَنَسْلِهِم [ثم من بينها] (١) النكاح أقرب منزلة من العبادات حتّى أن التخلي (٢) بالاشتغال بالنكاح كان أفضل من الاشتغال بالنوافل (٣).

وتواترت الآثار في تَوْعِيدِ من رَغِبَ عنه وتَحْرِيضِ من رَغِبَ فيه، نعم أنّ الجهاد كذلك إلا أنّ هذا شامل الفضيلتين، وذلك لفضيلة فَذَّة (٤)؛ لأنّ هذا سبب لوجود المسلم والإسلام، وهو سبب لوجود الإسلام لا غير ولا ننس [على] (٥) ما نبهت على فضيلة القرَان على الإِفْرَاد (٦) فإنّه قريب الإيراد ثم للنكاح فضائل، ومحاسن (٧) منها: انضمام الذكر والأنثى ظاهراً، وباطنًا غاية الانضمام إذ لا بقاء لهذا العقد ما لم يوجد/ بينهما الالْتِئَام قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (٨) ومنها المسارعة إلى حكم الله تعالى به بقاء العالم الى حِينه، فإنّ الله تعالى علّق بقاء العالم بالتّوالد والتّناسل ولا يكون ذلك إلا بإتيان الذكر الأنثى (٩) ثم بعد ذلك لا يخلو إما أن يكون بالاختصاص الشّرعي أو لا؛ فإن لم يكن ففيه فسادان:


(١) وفي تبيين الحقائق (وقدم النكاح) - (٢/ ٩٤)، وفي العناية شرح الهداية (ابتدأ من بينها بالنّكاح)، وفي البناية شرح الهداية (ثم قدم النكاح) - (٥/ ٣).
(٢) التَّخَلّي: التَّفَرُّغ. يقال تَخَلّى للعبادة وهو تَفَعّل من الخُلُوّ يُنْظَر: النهاية في غريب الأثر (٢/ ١٤٦).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ١٩٣)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٢٩)، اللباب (٢/ ٦٥٢).
(٤) ومعناه في اللغة: الفَذّ: الواحد، والفاء والذَّال كَلِمة واحدة تَدُل على انفراد وتَفَرُّق. وقال الخليل: الفَذُّ أول سَهْم القداح، والفَذُّ: الفَرْدُ، ويقال: كلمة شاذَّة فَذَّة، ويُجمع الفذُّ على الفُذُوذِ والفِذاذ).
يُنْظَر: كتاب العين (٨/ ١٧٧)، معجم مقاييس اللغة (٤/ ٤٣٨)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٤٢٢)، لسان العرب (٣/ ٥٠٢)، تاج العروس (٩/ ٤٥١).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) ذكر النكاح بعد الحج لأنه أقرب إلى العبادات، والاشتغال به كما قال بعض العلماء أفضل من الاشتغال بالنوافل، لاشتماله على المصالح الدينية والدنيوية، ومنهم من قدمه على الحج إن كانت نفسه تتوق إليه، وكلاهما يحتاج المال فتناسبا. ينظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٨٢)، أنيس الفقهاء (ص ٥٠). وأما ما ذكره من فضيلة القِران على الإفراد فلا يسلم وهو رأي أبي حنيفة رحمه الله، وقد اختلف العلماء في أي الإنساك أفضل، ولمراجعة المسألة ينظر: مجلة البحوث الإسلامية (٥٩/ ٢٥٥ - ٢٦٤)، وأما مناسبة ذكر فضيلة القرآن في هذا الموضع فلعله لا يخفى وجه المشابهة من حيث المعنى فالقِران ضم الحج إلى العمرة، وقيل: الجمع بين الزوجين في العقد، وكذلك النكاح، فمعناه لغة الضم والتداخل. ينظر: المعجم الوسيط (٢/ ٧٣١)، التعريفات (ص ٢٤٦).
(٧) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ١٩٤)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٢٩).
(٨) سورة الروم، الآية:. ٢١
(٩) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ١٩٣).