للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمُرَادُ بِالتَّوْقِيتِ تَعْيِينُ بَعْضِ الْقُرْآنِ؛ لِيَقْرَأَ فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ عَيْنًا، وَفِي "شرح الطحاوي" الْمُلَازَمَةُ؛ إِنَّمَا تُكْرَهُ إِذَا لَمْ يَعْتَقِدِ الْجَوَازَ بِغَيْرِهِ؛ فَأَمَّا إِذَا اعْتَقَدَ الْجَوَازَ لَكِنْ يَقْرَأُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ (١).

[[تعيين بعض القرآن ليقرأ في بعض الصلوات]]

فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَبَيْنَ مَسْأَلَةٍ قَبْلَهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بِعَيْنِهَا) فَيَتَرَاءَى أَنَّهُمَا (٢) فِي بَيَانِ حُكْمٍ وَاحِدٍ فَحِينَئِذٍ لَا تَبْقَى الْفَائِدَةُ فِي التَّكْرَارِ؟.

قُلْتُ: لَا بَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ؛ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعِ، وَمِنْ حَيْثُ الْبَيَانِ، أَمَّا الْوَضْعُ فَإِنَّ الْأُولَى مِنْ مَسَائِلِ (٣) الْقُدُورِي (٤)، وَالثَّانِيَةَ مِنْ مَسَائِلِ " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " (٥) (وَالْمُصَنِّفُ -رحمه الله- الْتَزَمَ ذِكْرَ مَسَائِلِهِمَا؛ ذَكَرَ فِي خُطْبَةِ الْبِدَايَةِ) (٦) وَهَذَا الْكِتَابُ شَرَحَ ذَلِكَ؛ فَلَزَمَ عَلَيْهِ إِيرَادُهُمَا؛ بِنَاءً عَلَى الْوَعْدِ، وامَّا الْبَيَانُ فَإِنَّ الْأَوْلَى فِي تَعْيِينِ السُّورَةِ مَعَ إِطْلَاقِ الصَّلَوَاتِ بِأَنْ يُعَيِّنَ سُورَةً فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، وَلَا يَقْرَأُ غَيْرَهَا فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَالثَّانِيَةِ فِي تَعْيِينِهِمَا كَمَا فِي تَعْيِينِ سُورَةِ السَّجْدَةِ، وَهَلْ أَتَى فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ؛ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ فَظَهَرَ الْفَرْقُ.

فَإِنْ قُلْتَ: لَمَّا عَلِمَ كَرَاهَةَ هَذَا (٧) التَّعْيِينِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ؛ يُعْلَمُ كَرَاهَةُ التَّعْيِينِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ؛ إِنَّمَا جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ التَّعْيِينِ؛ فَازْدَادَتِ الْكَرَاهَةُ (٨) لِزِيَادَةِ التَّعْيِينِ؛ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِ الثَّانِيَةِ لِعِرْفَانِهَا (٩) بِالْأُولَى.


(١) (لَا يُكْرَهُ) زيادة من (ب).
(٢) (أَنَّهُمَا) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (المسائل).
(٤) قال القُدُوري: (ويكره أن يتخذ قراءة سورة بعينها للصلاة لا يقرأ غيرها). "مختصر القُدُوري" (ص ٢٩).
(٥) قال محمد بن الحسن: (ويكره أن يوقت شيئا من القرآن لشيء من الصلوات). "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن (١/ ٩٧).
(٦) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٧) (هَذَا) زيادة من (ب).
(٨) (الْكَرَاهَةُ) زياد من (ب).
(٩) في (ب): (يعرفانها).