للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إن جاءت بولدين حيين]

(فإن جاءت بولدين حيين فالمال بينهما): لكن إذا كانا ذكرين أو أنثيين كان المال بينهما نصفين. وإن كان أحدهما ذكرًا وكان الآخر أنثى ففي الوصية تقسم بينهما نصفين. وفي الميراث يكون بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، (لأنه بيّن مستحيلًا)؛ لأن البيع والإقرار لا

يتصوران من الجنين حقيقة ولا حكمًا. أما الحقيقة فلا تشكل وأما الحكم: فإنه لا ولاية لأحد على الجنين، حتى يكون تصرفه بمنزلة تصرف الجنين فيصير مضافًا إليه من هذا الوجه، وإذا كان ما بيّنه من السبب محالًا صار كلامه لغوًا فلا يلزمه شيء. فإن قيل: فهذا يكون رجوعًا عن الإقرار إذن والرجوع عن الإقرار لا يصح وإن كان موصولًا قلنا: لا، كذلك بل هو بيان سبب محتمل فقد يشتبه على الجاهل فيظن أن الجنين تثبت عليه الولاية كالمنفصل فيعامله ثم بعد ذلك المال للجنين بناء على ظنه وتبين سببه ثم يعلم أن ذلك السبب كان باطلًا فكان كلامه هذا بيانًا لا رجوعًا. فلهذا كان مقبولًا منه هذاكله في المبسوط (١) فإن قلت: كما أن البيع والإقرار لا يتصوران (٢) من الجنين فكذلك لا يتصوران من الصبي الرضيع أيضًا. ومع ذلك لو أقرَّ أن عليه ألف درهم لهذا الصبي الرضيع بسبب البيع أو الإقراض أو الإجارة (٣) فإنه صحيح يؤاخذ به قلت: الرضيع إن كان لا يتجر هو بنفسه لكن هو من أهل أن يستحق الدين لهذا السبب بتجارة وليه، وكذلك الإقراض إن كان لا يتصور منه لكن يتصور من نائبه وهو القاضي أو الأب بإذن القاضي وإذا تصور الإقراض من نائبه جاز للمقر إضافة الإقرار إليه لأنه فعل النائب قد يضاف إلى المنوب عنه كما يقال: فلان بنى داره وإن بنى أجراؤه بأمره وأما الإقراض من الجنين لا يتصور لا منه ولا من نائبه، لأنه لا يلي ولا يولى عليه فكان ما أقرَّ به كذبًا محضًا لم يمكن تصحيحه بوجه فلا يتعلق به حكم فكان وجوده وعدمه بمنزلة فصار كمن أقرَّ أنه قطع يد فلان خطأً أو عمدًا ويد فلان صحيحة لا يلزمه بهذا الإقرار شيء لأنه كذب بيقين، إلى


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٧/ ١٩٧.
(٢) تكررت في (ب).
(٣) الإجارة: عبارة عن العقد على المنافع بعوض هو مالٌ وتمليك المنافع بعوضٍ إجارةٌ. يُنْظَر: التعريفات (ص: ١٠)، والمغرب (ص:٢٠).