للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[عدم المماثلة بين الأعيان والمنافع]]

فإن قيل: يُشكل على هذا (١) ما ذكر من عدم المماثلة بين الأعيان/ والمنافع [بسبب سرعة فناء المنافع] (٢) وبقاء الأعيان مسألتان (٣):

أحديهما: أن من أتلف ما يُسرع إليه الفساد (٤) يَضمنه بالدراهم التي تَبقى ولا تَفسُد، فعُلم بهذا أنه لا اعتبار لعدم المماثلة بينهما من حيث الفناء والبقاء.

[[جواز استئجار الوصي يستأجر لليتيم]]

والثانية: أن الوصي يستأجر لليتيم ما [يحتاج إليه بدراهم اليتيم] (٥) يجوز، ولو كان بينهما تفاوت من هذا الوجه الذي ذكرت لَمَا جاز؛ إذ هو منهي عن قربان مال اليتيم إلا بالوجه الأحسن.

قلنا: أما الأولى: (فإن التساوي بين المالين إنما يُعتبر حال إقامة أحدهما مقام الآخر دون التفاوت في مجرد (٦) البقاء (٧) لا أن يكون بقاء هذا مثل بقاء ذلك من كل وجه؛ لأنَّ البقاء بعد الإقامة ليس من موجب الغصب والعدوان وحال الوقوع و (٨) هما جميعًا مما يبقيان زمانين وأكثر، وجوهران قائمان بأنفسهما فتفاوتهما في أزمنة بعد الوقوع في البقاء ليس من الغصب، فكان هذا هدرًا في حق ضمانه، كالتفاوت بين المبيع والثمن من حيث ينمو المبيع من الحيوانات بنفسه دون الثمن) (٩).

وأما الثانية: فإن الوصي كما يَستأجر لليتيم ذلك فكذلك يشتري (١٠) العبد بالعبد وبينهما تفاوت، وفي الغصب يُمنع عن هذا؛ فيُعلم بهذا أن القليل من التفاوت الذي لا يُعتبر عينًا في التجارات لا يحجر الوصي عنه، فالتفاوت الذي بين الجوهر (١١) والعرض (١٢) لا يُعدّ عيبًا في الأسواق؛ وهذا لأن ضمان العقود في الأصل بُني على التراضي لا على التساوي بل الأرباح إنما تحصل عند التفاوت، والشرط في الوصي (١٣) (١٤) هو ألا يتجرّ في مال الصبي، مما يتفاوت عيبًا في الأسواق لا المماثلة من كل وجه.


(١) سقطت في (أ).
(٢) سقطت في (ع).
(٣) انظر: الأسرار (٣/ ١١٩)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٥٥)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٥٠).
(٤) في (أ): زيادة (و).
(٥) سقطت في (أ).
(٦) سقطت في (ع).
(٧) في (ع): زيادة (والمتصور مجرد البقاء).
(٨) سقطت في (ع).
(٩) الأسرار (٣/ ١١٩).
(١٠) سقطت في (ع).
(١١) الْجَوْهَرُ: هو ما كان قائما بنفسه غير مفتقر في وجوده إلى غيره. الجواب الصحيح (٥/ ٦).
(١٢) الْعَرَضُ: مفتقر في وجوده إلى غيره لا قوام له بنفسه، وهو ما يعرض ويزول. الجواب الصحيح (٥/ ٦)، مجموع الفتاوى (٩/ ٣٠٠).
(١٣) في (أ): (القاضي).
(١٤) قال السغدي: (وللموصى أن يتجر بِمَال الْيَتِيم وَيدْفَع مَاله مُضَارَبَة، وأن يُشَارك بِهِ إنسانًا فِي قَول أبي حنيفَة وصاحبيه). النتف (٢/ ٨٢٧).