للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكل الأكل عندهما لا يمنعه من الرجوع بنقصان العيب، فأكل البعض أولى، وفي الرواية الأخرى يرد ما بقي؛ لأن هذا ما لا يضره التبعيض، فهو قادر على الرد في البعض كما قبضه، ويرجع بنقصان العيب فيما أكله، وبعد بيع البعض عنهما روايتان في إحدى الروايتين لا يرجع بشيء، كما هو قول أبي حنيفة - رحمه الله -؛ لأن الطعام في حكم شيء واحد، فبيع البعض فيه كبيع الكل، وفي الرواية الأخرى يرد ما بقي؛ لأنه لا يضره التبعيض، ولكنه لا يرجع بنقصان العيب فيما إذا باع، اعتباراً للبعض بالكل"، كذا في المبسوط (١).

[[شراء ما مأكوله في جوفه]]

ومن اشترى بيضاً أو بطيخاً … إلى آخره (٢)

والفواكه على هذا إذا وجدها فاسدة بعد الكسر، وله أن يرجع بالجميع إذا لم يكن منتفعاً بها (٣) بأن كسرها فوجدها منتنة أو مُرَّة، بحيث لا تصلح لأكل الناس، ولا للعلف.

قال الإمام الحلواني -رحمه الله (٤) -: هذا إذا أذاقه فوجده كذلك فتركه، فإن تناول شيئاً منه بعدما أذاقه لا يرجع عليه بشيء، وحاصل هذا إن (٥) كان يصلح لتناول بعض الناس؛ بأن يأكله الفقراء دون الأغنياء، أو يصلح للعلف، يرجع بحصة العيب من الثمن، إلا أن يتناول شيئاً منه بعد العلم، فلا يرجع بشيء، كذا في الجامع الصغير للإمام المحبوبي.

وذكر في الذخيرة (٦) قال الإمام شمس الأئمة الحلواني: يؤيد ما ذكره في الكتاب (٧) يعني قوله: "له أن يرده، ويأخذ الثمن كله إذا وجده خاوياً، أو وجده منتن اللب، أو وجد البيض مذرَّةً (٨)، وأما إذا وجده قليل اللب، أو لم يكن مكتنَزاً (٩) فهو في باب العيب، وليس من باب الفساد، وقد تعذر الرد بسبب الكسر، ويرجع بنقصان العيب، إلا أن يرضى البائع بأن يأخذ مكسوراً حتى لو وجده بهذه الصفة قبل الكسر، كان له حق الرد بسبب العيب؛ لأنه (١٠) الرد ممكن، وهذا إذا كان كسره ولم يعلم بالعيب، أما إذا كسره وهو عالم لعيبه (١١) صار راضياً، فيبطل حقه من (١٢) كل وجه".


(١) المبسوط (ج ١٣: ص ١٠٢).
(٢) قال في الهداية: "ومن اشترى بيضاً أو بطيخاً أو قثاءً أو خياراً أو جوزاً، فكسره فوجده فاسداً: فإن لم ينتفع به رجع بالثمن كله". الهداية (٣/ ٩٦٥).
(٣) سقط من (ب).
(٤) سبق ترجمته ص ٩٨، وقوله مخرج في الصفحة التابعة.
(٥) "إذا" في (ب).
(٦) المحيط البرهاني (٦/ ٥٧٠).
(٧) قال في الهداية: "لأنه ليس بمال فكان البيع باطلاً، ولا يعتبر في الجوز صلاح قشره على ما قيل؛ لأن ماليته باعتبار اللب، وإن كان ينتفع به مع فساده لم يرده؛ لأن الكسر عيب حادث، ولكنه يرجع بنقصان العيب دفعاً للضرر بقدر الإمكان" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٥).
(٨) مذرت البيضة مذراً فهي مذرة فسدت. المحكم والمحيط الأعظم (٢/ ٢١)، أساس البلاغة (٢/ ٢٠٠)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٣١١).
(٩) "منتنا" في (ب).
(١٠) "لأن " في (ب).
(١١) "بعيبه" في (ب).
(١٢) "من" في (ب) وهذا الأصح لسياغ الجملة، وفي (أ) "وهو". ينظر: المحيط البرهاني (٦/ ٥٧٠).