للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الإمام شمس الأئمة السرخسي: وإنَّما صار الولاء للمرتدِّ الَّذي أسلَم في مسألة الكتاب لأنَّ ملك الوارث خَلَف عن ملك المُوَرِّث، وبالكتابة لا يزول ملك الرَّقبة، والأصل أنَّ المرتدَّ إذا جاء مسلمًا يُعاد إليه ما كان من ملكه لأنَّ الخلَف يسقط اعتباره إذا ظهر الأصل، ولكن لا تبطُل (١) الكتابة لأنَّه تصرُّف نفِّذ من الابن في حال قيام ولايته، فإذا عاد إلى المرتدِّ، وهو مكاتَب على حاله كان الابن كالثابت (٢) عنه في الكتابة، فيستوفي المرتدّ مكاتبته، ويعتق على ملكه، فيكون الولاء له؛ بخلاف ما إذا رَجَع بعدما عتق المكاتب لأنَّ الملك الذي كان له غير قائم بعد أداء الكتابة؛ وبخلاف ما لو باعه الابن مِن غيره لأنَّ الملك الذي كان له ينقطع بالبيع، ويثبت ملك حادث للمشتري بسبَب متجدِّد. ولا يُقال: المكاتب لا يحتمِل النَّقل مِن ملك إلى ملك فكيف ينتقِل هنا مِن الإرث (٣) إلى الأَب إذا رجع مسلمًا، لأنَّا نقول أنَّ هذا ليس بانتقال، بل هذا سُقوط ولاية الخلَف عند ظهور ولاية الأصل، فلا يكون ذلك انتقالًا من الخلَف إلى الأصل (٤).

(لأنَّ العواقل لا تعقل المرتدّ لانعدام النُّصرة) أي: التعاقُل إنَّما يكون باعتبار التناصُر واحد (٥)، لا ينصر المرتد (٦)، وتَكون (٧) الدِّية في ماله كسائر ديونه.

قوله: (ماله فيء (٨).

(وعنده ماله) مبتدأ، المكتسب خبرُه لا صفتُه؛ لأنَّه لا يستقيم المعنى/ على تقدير الصِّفة.

[المرتدّ الذي قطعت يده]

(وإذا قُطعت يد المسلِم) أي: إحدى يديه، (أمَّا الأوَّل) وهو ما إذا مات على ردّته (فأُهدرت) أي: أُهدرت السِّراية لأنَّها لو لم تُهدر لَوجَب القصاص في العَمد، والدِّية الكاملة في الخطأ؛ لأنَّ قطع اليد صار نفسًا.

(بخلاف ما إذا قطع يد المرتدّ، ثم أسلَم فمات من ذلك) حيث لا يضمن القاطع شيئًا، وإنْ كان هو معصومًا وقتَ السراية.


(١) في (ب) "يبطل".
(٢) في (ب) "كالنائب".
(٣) في (ب) "الابن".
(٤) ينظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٩٠).
(٥) في (أ) "واحدا"، والصحيح ما أثبته. ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٨٨).
(٦) في (أ) "لا بنصر المدة"، والصحيح ما أثبته. ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٨٨).
(٧) في (ب) "يكون".
(٨) لم أقف على هذا القول في متن البداية، ولا في متن الهداية.