للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرَ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَصِيرُ خَارِجاً عَنِ الصَّلَاةِ؛ بِسَلَامِ الْإِمَامِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يُسَلِّمَ مَعَ الْإِمَامِ؛ حَتَّى يَصِيرَ خَارِجاً بِسَلَامِ نَفْسِهِ؛ فَيَكُونُ مُقِيماً لِلسُّنَّةِ كَذَا فِي " الْمُحِيطِ " (١) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَةِ

[[أحكام القراءة في الصلاة]]

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَكَيْفِيَّتِهَا وَبَيَانِ أَرْكَانِهَا، وَفَرَائِضِهَا، وَسُنَنِهَا؛ ذَكَرَ أَحْكَامَ الْقِرَاءَةِ؛ الَّتِي هِيَ مِنْ (٢) أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، بِفَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ، دُونَ سَائِرِ الْأَرْكَانِ لِزِيَادَةِ أَحْكَامٍ تَعَلَّقَتْ بِهَا دُونَ سَائِرِ الْأَرْكَانِ.

ثُمَّ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ الْجَهْرِ، دُونَ ذِكْرِ (٣) الْقَدْرِ؛ مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنْ يُذْكَرَ الْقَدْرَ أَوَّلًا؛ إِذِ الْقَدْرُ مَعْنًى رَاجِعٌ إِلَى الذَّاتِ، وَالْجَهْرُ، وَالْمُخَافَتَةُ؛ مَعْنًى رَاجِعٌ إِلَى الصِّفَةِ، وَالذَّاتِ قَبْلَ الصِّفَةِ؛ عَلَى مَا عُرِفَ فِي بَابِ التَّرْجِيحِ، إِلَّا أَنَّ وُجُوبَ الْجَهْرِ؛ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، مِنْ صِفَاتِ الْأَدَاءِ الْكَامِلِ، وَالْقَدْرُ؛ يَشْمَلُ الْكَامِلَ، وَالْقَاصِرَ، وَكَانَ الابْتِدَاءُ بِذِكْرِ صِفَةٍ تَخْتَصُّ بِالْأَدَاءِ الْكَامِلِ؛ الَّذِي هُوَ الأصل فِي شَرْعِيَّةِ الصَّلَاةِ أَوْلَى.

وَفِي " مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ": (إِنَّ مُرَاعَاةَ الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ، وَالْمُخَافَتَةُ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ فِي الصَّلَوَاتِ؛ الَّتِي تُقَامُ بِجَمَاعَةٍ، وَاجِبٌ بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَنُوعٌ مِنَ الْمَعْنَى) (٤).

أَمَّا السُّنَةُ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: (مَا أَسْمَعَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَسْمَعْنَاكُمْ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ (٥) رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَكَتْنَا عَنْكُمْ) (٦) يُرِيدُ بِهِ مَا جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ (٧) جَهَرْنَا وَمَا خَافَتَ فِيهِ خَافَتْنَا.


(١) "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٧١).
(٢) (من) ساقطة من (ب).
(٣) (ذكر) ساقطة من (ب).
(٤) قال شيخ الإسلام: (الصلاة التي يخافت فيها بالقراءة لا يخير المنفرد بين الجهرية والمخافتة بل يخافت). ينظر: "تبيين الحقائق للزيلعي " (١/ ١٩٤).
(٥) في (ب): (عنا).
(٦) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١/ ٢٣٤)، كتاب الأذان، باب القراءة في الفجر، حديث (٧٥٤)، وأخرجه مسلم في "صحيحه" (ص ١٧٠)، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، حديث (٣٩٦). كلهم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٧) في (ب): (القراءة).