للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقيل: يُجبَرلأنّ المالك ههنا غير ظاهر) فلمّا لم يكن ظاهرًا جاز أنْ يكون المالك هو الذي حضر. فلمَّا أقرَّ الملتقِط بأنَّه هو المالك كان إقراره ملزِمًا إياه الدّفعَ إليه، ثم في الوديعة إذا دفع إليه بعد ما صدَّقه، وهلَك في يده ثُمّ حضر المُودِعُ، وأنكر الوكالة وضمن المُودَعَ، ليس له أنْ يرجع على الوكيل بشيء. وههنا الملتقِط له أنْ يرجع على القابض لأنَّ هناك في زعم المُودَعِ أنَّ الوكيل عاملٌ للمُودِعِ في قبضه له بأمره، وأنَّه ليس بضامِن بَل المودع ظالم في تضمينه إياه، ومَن ظُلِم فليس له أنْ يظلم غيره، وههنا في زعمه أنَّ القابض عامل لنفسه وأنّه ضامن بعد ما ثبت الملك لغيره بالبيِّنة، فكان له أنْ يرجع عليه بما ضمن لهذا (١)؛ كذا في المبسوط.

[[التصدق باللقطة]]

(وكان من المياسير) أي: الأغنياء جمع الميسور ضدّ المعسور، وهما صفَتان عند سيبويه، ومصدران عند غيره (٢).

(حَملًا له على رفعها) (٣) أي: ليكون حاملًا وباعثًا على رفعها إلا برضاه لإطلاق النُّصوص، لقوله (٤) تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩]، وقوله: {وَلَا تَعْتَدُوا} [المائدة: ٨٧]، وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤].

(والإباحة للفقير بما رويناه) وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فليتصدّق به" (٥).


(١) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ٩).
(٢) ينظر المفصل في صنعة الإعراب (ص: ٢٧٧)، الشافية في علم التصريف والوافية نظم الشافية (١/ ٢٩).
(٣) في (أ) عبارة: "أي: ليكون حاملًا له على رفعها" مكررة.
(٤) في (ب) "لقول الله".
(٥) أخرجه الطبراني في المعجم الصغير، برقم (٧٢) ١/ ٦٢.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنِ اللقطة فَقَالَ: "لَا تَحِلُّ اللقطة، مَنِ الْتَقَطَ شَيْئًا فَلْيُعَرِّفْهُ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ فَلْيُخَيِّرْهُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَبَيْنَ الَّذِي لَهُ" لَمْ يَرْوِهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ إِلَّا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُهُ عَنْهُ.
قال الهيثمي: وفيه يوسف بن خالد السمتي، وهو كذاب. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٤/ ١٦٨).