للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(جائز (١) بإذنه) أي: بإذن الإمام لأنَّه في محلّ مجتهد فيه، فإنَّ عند الشافعي يحلُّ الانتفاع للغني (٢).

وذكر في المبسوط، والأسرار في تأويل حديث أُبيّ (٣): يحتمِل أنَّالنَّبي -عليه الصلاة والسلام- علِم فقرَه، وحاجته لديون عليه فأذِن له في الانتفاع بها، ويحتمل أنَّ ذلك المال كان لِحربي لا أمَان له (٤)، وذلك لأن دار الإسلام يومئذ/ لم يكن بها سعة، وقد عرَّف بها ثلاث سنين، فكان الظّاهر أنَّها لو كانت لمسلم لظَهر. فلمَّا لم يظهر علِم أنَّها كانت لكافر، وقد سبقتْ يدُه إليه فجعله أحقَّ به لهذا. وإليه أشار رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بقوله: "فإنّه رزق ساقه الله إليك" (٥)، ولكن مع هذا أمره بأنْ يعرِّف عددها، ووكاءَها حتّى لو جاء صاحبها يمكَّن (٦) مِن الخروج مما عليه بدفع مثلها إليه لما فيه مِن تحقيق النَّظر مِن الجانبَين، وهو نظر الثواب للمالك، ونظر الانتفاع للملتقِط.


(١) في (ب) "وجائز".
(٢) قال الشافعي: يأكل اللقطة الغني والفقير ومن تحلّ له الصّدقة ومن لا تحلّ له، فقد أمر النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أبي بن كعب، وهو أيسر أهل المدينة، أو كأيسرهم وجد صرة فيها ثمانون دينارًا أن يأكلها. الأم للشافعي (٤/ ٧٠).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ٦).
(٥) أخرجه أحمد في مسنده، في مسند النساء، برقم (٢٧٠٦٩) ٤٤/ ٦٢٦.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا بَشَّارُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ دِينَارٍ، عَنْ مَوْلَاتِهَا أُمِّ إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ، فَأَكَلَتْ مَعَهُ، وَمَعَهُ ذُو الْيَدَيْنِ فَنَاوَلَهَارَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَرْقًا، فَقَالَ: يَا أُمَّ إِسْحَاقَ أَصِيبِي مِنْ هَذَا فَذَكَرْتُ أَنِّي كُنْتُ صَائِمَةً، فَبَرَدَتْ يَدِي لَا أُقَدِّمُهَا، وَلَا أُؤَخِّرُهَا، فَقَالَ النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، مَا لَكِ؟ قَالَتْ كُنْتُ صَائِمَةً فَنَسِيتُ، فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ الْآنَ بَعْدَمَا شَبِعْتِ، فَقَالَ النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَتِمِّي صَوْمَكِ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكِ".
قال الهيثمي: وفيه أم حكيم، ولم أجد لها ترجمة. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٣/ ١٥٧).
(٦) في (ب) "تمكن".