للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[حكم إلتقاط الأنعام]]

(والإباحة) أي: إباحة الأخذ (وإذا كان معها) أي: مع اللُّقطة (ما يدفع به عن نفسها) كالقَرن في حقِّ البقر، وزيادة القوَّة في حقِّ البَعير بكَدمه (١) ونفحه (٢) (فيقضي بالكراهة) أي: بكراهة الأخذ.

[[الإنفاق على اللقطة]]

(وإنْ كان للبهيمة منفعة) أي: البهيمة صالحة للإجارة والاستعمال.

([وفي هذا نظرمِن الجانبَين) أي: مِن جانب المالك بإبقاء عَين مالِه، ومِن جانب الملتقِط بالرّجوع على المالك بما أنْفق على اللُّقطة] (٣).

(فإذا لم يظهر يأمر ببيعها) "وإذا (٤) باعها أعطاه القاضي مِن ذلك الثَّمن ما أنفَق بأمره في اليومَين والثَّلاثة لأنّ الثّمن مالُ صاحبها، والنّفقة دَينٌ واجب للملتقِط على صاحبها، وهو معلوم للقاضي فيقضي دَينه بماله لأنّ صاحب الدّين لو ظفَر بجنس حقِّه كان له أنْ يأخذه، فكذلك القاضي بعينه على ذلك، وإنْ لم يبِعها حتّى جاء صاحبها وأقام البيِّنة أنّها له قَضى له بها القاضي، وقضى عليه بنفَقة الملتقِط" (٥)؛ كذا في المبسوط (٦).

(وفي الأصل شرط إقامة البيِّنة) أي: يقيم الملتقِط البيِّنة على أنَّ هذه الدابّة لُقَطة عندي.

(وليْست تقام للقضاء) أي: البيِّنة لا تقام ههنا للقضاء؛ هذا لجواب سؤال يرد على قوله: (في الأصل شرط إقامة البينة) بأنْ يقال: إنَّ البينة إنَّما ُتقام على المدَّعى عليه المنكِر، وليس ههنا مدَّعىً عليه، فعلى مَن يقيم البيِّنة؟ فقال: هذه البينة تقام لاستكشاف الحال بأنَّه لُقطة لا للقضاء على المدَّعى عليه.

وذكر في الذخيرة: ثُمَّ هذه البيِّنة مقبولة، وإنْ قامت قبل حضور صاحبها، ولا بدَّ لقبول البيِّنة مِن الخصم، فطريق قبولها أنَّ الإمام خَصم فيها عَن صاحبها. ألا ترى أنّ في الابتداء لو أقام بينةً عند القاضي أنَّه وجَد هذه الدَّابة ولا يدري لمن هي، وطلب مِن القاضي أنْ يأمره بالإنفاق، فالقاضي/ يقبَل هذه البيِّنة. وطريق قبولها أن ينتصب القاضي خصمًا عن صاحبها (٧) كذا ههنا.


(١) في (ب) "بلدمه".
الكَدْمُ: العضّ بأدنى الفم، كما يَكْدِمُ الحمار. يقال: كَدَمَهُ يَكْدُمُهُ ويَكْدِمُهُ. وكذلك إذا أثّرت فيه بحديدة، ويقال: ما بالبعير كَدَمَةٌ، إذا لم يكن به أُثْرَةٌ ولا وَسْمٌ. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٥/ ٢٠١٩).
(٢) نَفْحَ الدَّابةِ برجْلِها، وَهُوَ رَفْسُها، كَانَ لَا يُلْزِم صاحِبَها شَيْئًا. النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ٨٩).
(٣) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٤) في (ب) "فإذا".
(٥) المبسوط للسرخسي (١١/ ١٠).
(٦) في (ب) "وفي هذا نظر من الجانبين، أي: من جانب المالك بإبقاء عين ماله له، ومن جانب الملتقط بالرجوع على المالك بما أنفق على اللقطة" بعد قوله: "في المبسوط".
(٧) ينظر السير الكبير (١/ ٢١٨).