للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكنّا نقول: ما لا يحتمل الوصف بالتحري، فذكر بعضه كذكر كلّه، فَكَانَ هُوَ مُوقِعًا تَطْلِيقَةً كَامِلَةً بِهَذَا اللَّفْظِ، وَإِيقَاعُ التَّطْلِيقَةِ مَشْرُوعٌ.

[[وقوع أجزاء الطلاق]]

وكذا الجواب في كلّ جزء سمّاه من النّصف أو الثلث أو الرّبع فهو كذا، وإن قال: أنت/ طَالِقٌ نِصْفَيْ تَطْلِيقَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَ أَجْزَاءَ تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، وإن قال: أنت طالق نصف تطليقة، وثلث تطليقة، وربع تطليقة، وقد دخل بها فهي طالق ثلاثاً؛ لأنّه أوقع من كلّ تطليقة من التّطليقات الثّلاث جزءاً، فإنّه نكر التطليقة في كلّ كلمة والمنكر إذا اعتد منكراً، فالثاني غير الأول، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَهَا وَسُدُسَهَا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْأَجْزَاءَ الْمَذْكُورَةَ إلَى تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ بِحَرْفِ الْكِنَايَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَهَا وَرُبُعَهَا، فَمِنْ أَصْحَابِنَا (١) من يقول ههنا يطلق ثنتين؛ لأنك إذا جمعت هذه الأجزاء المذكورة يكون أكثر من واحدة، فالأصحّ (٢) أنّها لا تطلق إلا واحدة؛ لأنّه أضاف الأجزاء المذكورة إلى تطليقة واحدة فلم يقع إلا واحدة - كذا في «المبسوط» (٣) - ولو قال لها: أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقتين، فهي طالق ثلاثاً وهذه من خواص مسائل «الجامع الصّغير» (٤)، وذكرفَخْرُ الْإِسْلَامِ: إنَّمَا أَوْرَدَ: يَعْنِي مُحَمَّدًا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِإِشْكَالٍ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ عَدَدٍ نَصَّفْته لَا يَكُونُ إلَّا نِصْفَيْنِ، فالقول بالثّلاثة في ذلك يجب أن يلغو، والجواب عنه أنّه إنّما أراد بهذا تسمية الطّلاق، أي: أراد بذلك النّصف نفس الطّلاق، ثمّ جمع هذا الطّلاق الذي أراده بذكر النّصف بالثّلاث، فكان كلّ نصف تطليقتين عبارة عن تطليقة واحدة، فكان ثلاث تطليقات عند الاجتماع لا محالة؛ لأنّه لما كان نصف تطليقتين عبارة عن تطليقة واحدة فإيقاع التّطليقة الواحدة ثلاث مرات على المدخول بها يوجب التّطليقات الثلاث (٥).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٣٩).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٣٩).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٣٩).
(٤) انظر: الجامع الصغير (ص ١٩٥).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٤/ ١٧).