للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ (١): إذَا قَالَ لَهَا رَأْسُك طالق، وعن اقتصار الطّلاق على الرأس لا يبعد أن يقول] لا تطلق، ولو قال يدك طالق، وأراد به العبارة عن جميع البدن لا بد أن يقول (٢) أنّها تطلق - كذا في «المحيط» (٣) - فيكون محلاً لحكم الطّلاق؛ لأنّ الطّلاق هو رفع حكم النكاح، وحكم النكاح حلّ الاستمتاع - وهو موجود ههنا - فكان حكم النكاح ثابتاً فكان محلاً للطّلاق.

فِي الطَّلَاقِ الْأَمْرُ عَلَى الْقَلْبِ أي: في كلّ موضع اجتمع الحلّ والحرمة مترجّح جانب الحرمة في الابتداء والانتهاء، ثمّ في النكاح عدم انعقاده، من باب تغليب الحرمة على الحلّ فكذلك وقوع الطّلاق في قوله: يدك طلاق على وجه السراية (٤)، من باب تغليب الحرمة على الحلّ - أيضاً -، وكانت المفارقة بين النكاح والطّلاق عند إضافتهما إلى اليد؛ لوجهين:

أحدهما: أن مبنى الطّلاق على السّراية دون النكاح، والثاني: أن تغليب الحرمة على الحلّ في النكاح في عدم انعقاده، وفي الطّلاق في وقوعه فلذلك افترق الحكم بينهما، لا أنّ اليد ليست بمحلّ حكم النكاح.

ولنا أنّه أضاف الطّلاق إلى غير محلّه فيلغوا؛ وذلكلأنّ الأصبع أو اليد ليست بمحلّ لإضافة النكاح إليها.

فكذلك الطّلاق لمعنى، وهو أنّها تبع (٥) في حكم النكاح والطّلاق، ولهذا صحّ النكاح والطّلاق، وإن لم يكن لها يد ويبقى بعد فوات اليد؛ وهذا لأنّ النكاح والطّلاق يزدان عليها فيكون الأطراف فيها تبعًا، كما في ملك الرقبة سرى، وإذا ثبت أنّها تبع فيذكر الأصل يصير التبع مذكوراً، أمّا بذكر التبع فلا يصير الأصل مذكوراً، وإذا كان تبعًا لم يكن محلاً لإضافة التصرف [٣٢٦/ ب] إليه مقصودًا، والسّراية إنّما تتحقق بعد صحة الإضافة إلى محلّه.

والأصحّ أنّه لا يصحّ؛ أي: لا يقع حتّى لا يكون به مظاهراً، فإنّه إذا قَالَ: ظَهْرُكِ أَوْ بَطْنُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا؛ وإن طلّقها نصف تطليقة (٦) أو ثلثها، كانت تطليقة واحدة، وعند نفاه القياس (٧) (٨) لا يقع عليها شيء؛ لأنّ نصف التّطليقة غير مشروع وإيقاع ما ليس بمشروع من الزّوج باطل.


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢١٥)، والبناية شرح الهداية (٥/ ٣١٢).
(٢) زيادة في (ب).
(٣) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢١٥).
(٤) يعني مضي الطلاق على غلبة الحرمة في هذا الجزء تغلب الحل في سائر الأجزاء، لوطَلقَ نِصْفَهَا سَرَى إلَى الْكُلِّ. انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٣/ ٧٠٢)، البناية شرح الهداية (٥/ ٣١٤).
(٥) التبع: التابع والخاضع. يقال: على التبع، أي: تابعًا. يُنْظَر: تكملة المعاجم العربية (٢/ ٢٠).
(٦) اتفقوا على وقوع نصف التطليقة. يُنْظَر: الافصاح (٢/ ١٥٦).
(٧) القياس هو حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما. انظر: روضة الناظر وجنة المناظر (٢/ ١٤١).
(٨) نفاة القياس: وأمانفاة القياس مطلقاً فهم الظاهرية، وعلى رأسهم أبو محمد ابن حزم. انظر: روضة الناظر وجنة المناظر (٢/ ٣٣٢)، والواضح في أصول الفقه (٢/ ١٩٢).