للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

([أو] (١) يذهب منهما) (٢) يعني؛ تارةً يذهب الماء للطافتة أولاً، وتارة يذهب العصير والماء معًا، فلو ذهبا معًا يَحِلّ شُرْبُه كما يَحِلّ شُرْب الْمُثَلَّث، لأنّهما لمَّا ذهبا معًا كان [الذاهب] (٣) من العصير أيضاً ثُلُثَينِ كالماء، وهناك يجوز شُرْبُه على ما يَجِيء في فَصْل طبخِ العصير؛ فكذلك ههنا، لكن لمَّا [لم يتيقن] (٤) بذهابهما معًا واحتمل ذهاب الماء أولاً للطافتة قلنا بحُرْمةِ شُرْبه احتياطاً؛ لأنّه إذا ذهب الماء أولاً كان الذّاهب أقلّ من ثُلُثَي العصير وهو حرام عندنا على ما مرّ، وهو الباذق (٥).

(فلا يكون الذّاهب ثُلُثَي ماء العنب) (٦) أي: على القطع {والبتات} (٧).

[[طبخ العنب ثم عصره]]

(ولو طبخ العنب كما هو ثم يعصر: يكتفى بأدنى طبخة في رواية/ عن أبي حنيفة) (٨) وهو رواية الحسن (٩) عنه -رحمهما الله-، فقال: أنّه إذا طبخ أدنى طبخة يحلّ شربه إذا غلي واشتدّ، كما في نقيع الزّبيب والتّمر، و {أنكر} (١٠) المتقدِّمون من مشائخنا هذه الرواية، فقد روى الحسن بن أبي مالك (١١) عن أبي يوسف قال: سمعت أبا حنيفة/ أنّه لا يحلّ ما لم يذهب ثلثاه بالطّبخ، وهذا أصحّ؛ لأنّ الذي في العِنَب هو العصير، وتأثير العصير في الفصل بين العصير والثُّفْل (١٢)، فكما لا يَحِلّ العصيرُ بأدنى طبخةٍ بل بشرط ذهاب الثُّلُثَين، فكذلك العِنَب، كذا في "الذّخيرة" (١٣).


(١) في (ب): (و).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٣٤).
(٣) في (أ): (الذاهب).
(٤) في (ب): (تبين).
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ١٠٥)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٤٧).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٣٤).
(٧) سقطت من (ب).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٣٤).
(٩) الحسن: هو أبو علي، الحسن بن زياد، اللؤلؤي، الكوفي، صاحب أبي حنيفة، العلامة، كان يقظًا فقيهًا نبيهًا كريمًا، حَسَن الخُلُق، ولِيَ القضاء ثم استعفى نفسه منه، كان يختلف إلى زفر وأبي يوسف فى الفقه، روى عنه: محمد بن شجاع الثلجي، وعلي الرازي، وعمر بن مهير والد الخصَّاف، ومن تصانيفه: "المجرد لأبي حنيفة" و "أدب القاضي" و "الخصال" و "معاني الإيمان" وغيرها، تُوُفِّيَ سنة ٢٠٤ هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (٩/ ٥٤٤)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ١٩٢)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص ١٥٠)، الفهرست لابن النديم (ص ٢٥٤).
(١٠) سقطت من (أ).
(١١) الحسن بن أبي مالك: هو أبو مالك، من أصحاب أبي يوسف، وتفقه عليه، وأخذ عنه شيئًا كثيرًا، وتفقه عليه محمد بن شجاع البلخي، وغيره، قال الصَّيْمَريّ: ثقة فى روايته، غزيز العلم، واسع الرواية، وكان أبو يوسف يشبهه بجَمَل يحمل أكثر مما يطيق، تُوُفِّيَ سنة ٢٠٤ هـ، في السنة التي مات فيها الحسن بن زياد. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٢٠٤)، الفوائد البهية للكنوي (ص ٦٠)، الطبقات السنية في تراجم الحنفية (٣/ ٥٠).
(١٢) الثُّفْل: ما رَسَبَ وَاسْتَقَرَّ تَحْتَ الشَّيْءِ مِنْ خُثُوْرَةٍ وكُدْرَةٍ، وَأَثْفَلَ الشَّرَابُ: صَارَ فِيْهِ ثُفْلٌ، ويُطْلَقُ أَيْضَاً عَلَى: الْحَبِّ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (٤/ ١٦٤٦)، الفائق للزمخشري (١/ ١٦٩)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص ٩٧٢).
(١٣) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١٩/ ١٣٠ - ١٣١)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (١٠/ ١٠٥)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٠٥ - ١٠٦).