للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب: الجزية (١):

لما ذكر خراج الأراضي ذكر في هذا الباب خراج الرؤوس، وهو الجزية، إلا أنَّه قد قدَّم الأوَّل لأنَّ العُشر يشاركه في سببه، وفي العشر معنى القُربة، وبيان القُرُبات مقدَّم.

الجزية: اسم لما يؤخذ من أهل الذمة، والجمع: الِجزَى (٢)، مثل اللِّحية واللِّحَى. وإنَّما سميت بها لأنَّها تُجزيء عن الذِّمِّي أي: تَقضي (٣) وتكفي عن القتل، فإنَّه إذا قَبِلها يسقط عنه القتل.

"أما خراج الرؤوس ثابت بالكتاب والسنة.

أمَّا الكتاب: فقوله -سبحانه وتعالى-: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]. وأمَّا السُّنة: ما روي "أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أَخَذ الجِزية مِن مجوس هَجَر (٤) (٥) "وأخذ الحُلل من نصارى نجران" (٦)، وكانت جزية، وقال: "سُنُّوا بالمجوس سُنَّة أهل الكتاب" (٧)؛ يعني في أخذ الجزية منهم.


(١) في (ب) "في الجزية".
(٢) في (ب) "الجزاي".
(٣) في (أ) "تعفي"، والصحيح ما أثبته. ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٤٤).
(٤) هجَر: بفتح أوله وثانيه، وفي اشتقاقه وجوه؛ فيجوز أن يكون من هجر إذا هذى، ويجوز أن يكون منقولًا من الفعل الماضي، ويجوز أنْ يكون من الهجرة، ومعنى هجر بلغة حِمِيَر والعرب العادية: القرية، وهناك هجر البحرين، وهجر نجران، وهجر جازان، والمراد هنا هجر البحرين، وهجر اسم لجميع أرضه، وبينها وبين يبرين سبعة أيام، والغالب على لفظة هجر التذكير والصرف، وربّما أنثت ولم تصرف، والنسبة إليها هاجري. معجم البلدان (٥/ ٣٩٣)، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع (٤/ ١٣٤٦)، تهذيب الأسماء واللغات (٤/ ١٨٨)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٦٣٤).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجزية، باب الجزية والموادعة من أهل الحرب، برقم (٣١٥٧) ٤/ ٩٦.
(٦) نجران، بالفتح، ثم السكون، وآخره نون: بلدة معروفة كانت للأنصار، سمّيت بنجران من سبأ ولد قحطان لأنّه أوّل من عمَّرها، وكان أهلها يدينون بدين العرب، ثم انتقلوا إلى النّصرانية إلى أنْ فتحت في عهد النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وتقع بين مكّة واليمن على سبع مراحل من مكّة، وليست من بلاد الحجاز، إنّما من بلاد اليمن. معجم البلدان (٥/ ٢٦٦)، تهذيب الأسماء واللغات (٤/ ١٧٦).
(٧) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، برقم (١٠٥٩)، ١٩/ ٤٣٧.
وقال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم. ينظر مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٦/ ١٣).