للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الكلام المبطل للصلاة]]

قوله رحمه الله: قال فإن أنّ فيها أو تأوّه قالوا: تفسير الأنين أن نقول: أوه، وتفسير التأوّه أن نقول: أوه ثم إنما افترق حكمهما بين ذكر الجنة والنار، وبين الوجع والمصيبة لما أن الأنين من ذكر الجنة والنار تعريض لسؤال الجنة والتعوذ من النار، ولو صرح به فقال: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار لم يضره، فكذلك هاهنا، وإذا كان من وجع أو مصيبة فهو تعريض بإظهار الوجع، ولو صرح به فقال: أعينوني وأدركوني فإني مصاب، فسدت صلاته، فكذلك هاهنا، ثم إن كان الأنين من وجع.

روي عن أبي يوسف أنه قال: إن كان يمكن الامتناع عنه بقطع الصلاة، وإن كان لا يمكن لا يقطع، وعن محمد رحمه الله قال: إن كان المرض خفيفًا يقطع، وإن كان ثقيلًا لا يقطع؛ لأنه لا يمكنه القعود إلا بالأنين كذا ذكره الإمام المحبوبي رحمه الله (١).

وفي «الصحاح» (٢): قولهم عند الشكاية أوّه من كذا ساكنة الواو، وإنما هو توجع، وربما قلبوا الواو ألفًا، قالوا: آه من كذا، وربما شددو الواو وكسروها وسكنوا الهاء إليها، وقالوا: أوّه من كذا، وربما حذفوا الهاء مع التشديد، وقالوا/ أوه من كذا بلا مدّ، وبعضهم قالوا: آوّه بالمد، والتشديد، وفتح الواو وساكنة الهاء لتطويل الصوت بالشكاية، فارتفع بكاؤه، أي: حصل به الحروف في الحالين، أي: في حال ذكر النار، وحال التوجع (٣)، وقيل: الأصل عنده أن الكلمة إذا اشتملت على حرفين، وهما زائدتان أو أحدهما لا يفسد، فلذلك لم يفسداه؛ لأنهما من حروف الزوائد، وأوّه يفسد، وإن كان كلها من حروف الزوائد؛ لأنه زاد على الحرفين، وهو قد قيد عدم الإفساد بالحرفين، فكان الزائد عليهما مفسد، أو إن كان هو من حروف الزوائد، فكان تقييده (٤) بحرفين زائدين إشارة إلى أن نسي يفسد؛ لأن له حرفين أصليين وأوّه (٥) أيضًا يفسد؛ لأنه زائد على الحرفين، فوجه ذلك ما ذكره في «الأسرار» (٦)، فقال: واحتج بما روي عن النبي عليه السلام أنه صلى صلاة الكسوف، ونفخ في سجوده، وقال: أُف أف ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم (٧).


(١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٩٧، المحيط البرهاني: ٢/ ٧٢.
(٢) / ٢٢٢٥.
(٣) في (ب): الوجع
(٤) في (ب): يفسده
(٥) في (ب): وأواه
(٦) يُنْظَر: كشف الأسرار: ٢/ ٣٣٠.
(٧) أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب: الصلاة، باب: كيف النفخ (١/ ٢٩٣)، قال عنه الإمام الألباني: صحيح. انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٢/ ١٢٤).