للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بخلاف القوائم (١) (٢) حيث يجوز بيعها.

(لأن القوائم يزيد من أعلاه) (٣)

حتى لو ربطت خيطاً في أعلاها وتركت أياماً يبقى الخيط/ أسفل مما في رأسها الآن، وإلا على ملك المشتري وما وقع من الزيادة يقع في ملك المشتري، فلا يختلط المبيع مع غيره، فيجوز بيعها لذلك، أما الصوف فإن نموه في أسفله فيلزم الاختلاط.

وقال في المبسوط (٤): "وذلك يبين فيما إذا خضب الصوف على ظهر الشاة ثم تركه حتى نما"، فالمخضوب يبقى على رأسه لا في أصله.

القوائم (خادها) (٥) وكان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل (٦) - رحمه الله يقول: الصحيح عندي أن بيع قوائم الخلاف لا يجوز؛ لأن وإن كان نحو من أعلاه، فموضع القطع مجهول، [فهو كمن اشترى شجرة على أن يقطعها لا يجوز؛ لأن موضع القطع مجهول] (٧)، "وبيع الكراث يجوز، وإن كان ينمو من أسفله للتعامل" (٨) كذا في التمتمة.

[[علة بطلان بيع الصوف على ظهر الغنم]]

(والقطع في الصوف (٩) يتعين فيقع التنازع في موضع القطع)

يعني فلذلك لا يجوز.

فإن قلت (١٠): هذا التعليل أوله مع آخره يترآ أي متناقضاً؛ لأنه ذكر أولاً تعين القطع، ثم ذكر آخراً وقوع التنازع لذلك، والتعين مناف للتنازع، فكيف يكون سبباً له؟ وعن هذا غيَّر بعضهم لفظ الكتاب بقوله: والقطع في الصوف غير متعين.

قلت: أخطأ من غيَّر ذلك خطأً فاحشاً، وذلك؛ لأن المصنف - رحمه الله - إنما ذكر تعين القطع في الصوف بمقابلة مسألة القصيل (١١) (١٢) التي ذكر قبل هذا؛ ليقع الفرق بين مسألة القصيل وبين مسألة الصوف، ولهذا لم يقل: وموضع القطع في الصوف متعين، بل قال: والقطع في الصوف متعين، أي: القصيل يقطع ويقلع، فلو وقع التنازع في القصيل من حيث القطع فلا يقع من حيث القلع، وأما الصوف فالقطع متعين، ولم يعهد القطع، وهو النتف منه، فبعد ذلك يقع التنازع في موضع القطع، فلذلك لا يجوز بيع الصوف لأدائه إلى التنازع. وأيد ذلك نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيعه على ظهر الغنم (١٣) على ما ذكر في الكتاب (١٤). وذكر في شرح الطحاوي أصلاً لجنس هذه المسائل، فقال: "والأصل إذا باع شيئاً وهو في غلافه قبل الإزالة؛ فإنه لا يجوز إلا الحنطة في سنبلها، أو سائر الحبوب في سنابلها، والذهب في ترابه، أو الفضة في ترابها، بخلاف جنسه من الثمن، وأما الذي لا يجوز في غلافه فما كان إذا باع لبناً في الضرع أو لحماً في الشاة الحية، أو شحمها وإليتها، أو أكارعها، أو جلودها، أو باع دقيقاً في هذه الحنطة، أو سمناً في اللبن، وما أشبه ذلك من


(١) قوائم الخلاف -بالكسر وتخفيف اللام- نوع من الصفصاف، والصفصاف يورق ولا يثمر. ينظر: حاشية ابن عابدين (٥/ ٦٣)، (١/ ٣٠١).
(٢) "شاخهاى درخت" في هامش (أ).
(٣) قال في الهداية: "وبخلاف القصيل؛ لأنه يمكن قلعه" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٣).
(٤) المبسوط للسرخسي (١٢/ ١٩٥).
(٥) لم أجد لها ترجمة.
(٦) محمد بن الفضل أبو بكر الفضلي الكماري، تفقه على الأستاذ أبي محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب السبذموني مات ببخارى يوم الجمعة لست بقين من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة وهو ابن ثمانين سنة رحمه الله تعالى. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ١٠٨).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٨) نقله صاحب البناية عن الفتاوى الصغرى، البناية شرح الهداية (٨/ ١٤٩).
(٩) "فيه" زيادة في (ب).
(١٠) "قيل" في (ب).
(١١) القصل: قطع الشيء، ومنه القصيل، وهو الفصيل، وهو الشعير يجز أخضر لعلف الدواب، والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قصيلاً، والقصيل: الزرع يقصل، أي: يقطع. طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ١٩)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٣٨٧).
(١٢) "الفصل" في (ج).
(١٣) قال الزيلعي: روي موقوفاً، ومرفوعا مسنداً، ومرسلاً، فالمرفوع المسند: رواه الطبراني في معجمه عن ابن عباس، قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تباع ثمرة حتى تطعم، ولا يباع صوف على ظهر، ولا لبن في ضرع" برقم (١١٩٣٥)، (١١/ ٣٣٨)، والدارقطني في سننه، كتاب البيوع، رقم (٢٨٣٥)، (٣/ ٤٠٠)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب جماع أبواب الخراج بالضمان والرد بالعيوب وغير ذلك، باب ما جاء في النهي عن بيع الصوف على ظهر الغنم، واللبن في ضروع الغنم، والسمن في اللبن، رقم (١٠٨٥٧)، (٥/ ٥٥٥). قال البيهقي: تفرد برفعه عمرو بن فروخ، وليس بالقوي. قال في البدر المنير: قلت: تفرد بهذه المقالة فيه، وقد وثقه ابن معين وأبو حاتم، ورضيه أبو داود. نصب الراية (٤/ ١١)، البدر المنير (٦/ ٤٦٢).
(١٤) قال في الهداية: "وقد صح أنه - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - نهى عن بيع الصوف على ظهر الغنم، وعن لبن في ضرع، وسمن في لبن، وهو حجة على أبي يوسف في هذا الصوف؛ حيث جوز بيعه، فيما يروى عنه" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٣).