للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي المبسوط: "وإذا تاب أهل البغي ودخلوا مع أهل العدل لم يُؤخذوا بشيء مما أصابوا بحال يعني: بضمان (١) ما أتلفوا مِن النُّفوس والأموال، ومراده بذلك إذا أصابوا بعدما تجمَّعوا وصاروا أهل مَنَعة. فأمَّا ما أصابوا قبل ذلك فهم ضامنون لذلك لأنَّا أُمِرنا في حقِّهم بالمحاجّة والإلزام بالدَّليل، فلا يُعتبر تأويلهم البَاطل في إسقاط الضَّمان قبل أنْ يصيروا أهل مَنَعة. فأما بعدما صارت لهم منعة فقد انقطع ولاية/ الإلزام بالدَّليل حِسًّا، فيُعتبر تأويلُهم، وإنْ كان باطلًا في إسقاط الضَّمان عنهم كتأويل أهل الحرب بعد ما أسلموا. والأصل فيه حديث الزهري قَال: وقع الفتنة وأصحاب رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كانوا (٢) متوافرين، فاتّفقوا على أن ّكلَّ دم أُريق بتأويل القرآن فهو موضوع، وكلُّ فرج استحِلّ بتأويل القرآن فهو موضوع، وكلُّ مالٍ أُتلف بتأويل القرآن فهو موضوع (٣) " (٤).

[[الميراث في قتال البغاة]]

(لا يرث في الوجهين) أي: في الوجه الذي قال: أنا على الحق، وفي الوجه الثاني (٥) قال: أنا على الباطللأنَّه قُتِل بغير حقٍّ فيحرم الميراث اعتبارًا بالخاطئ، وليس (٦) الحقّ بالتّأويل الصَّحيح في حقّ دفع الضَّمان بقول الصَّحابة لا يجِب إلحاقُه بالصَّحيح في حقِّ استحقاق الميراث، وكَم مِن شيء يكفي للدَّفع ولا يكفي للاستحقاق، وهما يقولان إنّ تأويله معتبَر لدَفع الحِرمان الذي ثبَت جزاءً على الفعل ثُمَّ استحقاق الميراث يكون بالقرابة، ولكن إنَّما يرث إذا كان مُصِرًّا على تأويله الفاسد، فإنَّ ذلك التَّأويل عنده صحيح بخلاف الخاطئ، فإنَّ هناك تلزمه الكفَّارة والدِّية، والباغي لا تلزمه كفَّارة ولا دية، فعُلم بهذا أنَّه أُلحق بالصحيح كما إذا قتل العادل الباغي.


(١) في (أ) "بزمان"، والصحيح ما أثبته. ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٢٧).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب قتال أهل البغي، باب مافات في الأموال من قتال أهل البغي، برقم (١٦٧٢٤) ٨/ ٣٠٣. عن الزهري، قال: كتب إليه سليمان بن هشام يسأله عن امرأة فارقت زوجها، وشهدت على قومها بالشرك، ولحقت بالحرورية فتزوّجت فيهم، ثم جاءت تائبة، قال: فكتب إليه الزهري، وأنا شاهد: أمّا بعد، فإنَّ الفتنة الأولى ثارت وفي أصحاب النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ممن شهد بدرًا، فرأوا أن يهدم أمر الفتنة، لا يقام فيها حد على أحد في فرج استحله بتأويل القرآن، ولا قصاص في دم استحله بتأويل القرآن، ولا مال استحله بتأويل القرآن إلا أنْ يوجد شيء بعينه، وإنّي أرى أن تردها إلى زوجها وتحد من قذفها.
إسناده صحيح، والزهري لم يدرك الفتنة المذكورة، انظر إرواء الغليل للألباني (٨/ ١١٦).
(٤) المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٢٧ - ١٢٨)
(٥) ساقط من (ب).
(٦) في (ب) "ولئن".