للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لما وجب الحج لا يمنع مما يتوسل إليه من الزاد، والراحلة، فيعطى ما يحتاج إليه من الزاد والراحلة؛ لأن ذلك من أصول حوائجه.

[[أراد السفيه أن يحج حجة الإسلام]]

(ولو أراد عمرة واحدة لم يمنع منها) (استحسانا) وفي القياس لا يعطى نفقة السفر لذلك؛ لأن العمرة عندنا تطوع (١)، كما لو أراد الخروج للحج تطوعا بعدما حج حجة الإسلام، ولكنه استحسن. (لاختلاف العلماء في فريضة العمرة (اختلف الفقهاء في حكم العمرة. على قولين:

القول الأول: قال الحنفية العمرة سنة (مؤكدة) مرة واحدة في العمر.

انظر: بدائع الصنائع للكاساني (٢/ ٢٢٦)، العناية شرح الهداية (٣/ ١٣٩) البناية شرح الهداية (٤/ ٤٦١).

الأدلة: استدل أصحاب هذا القول بالسنة:

١ - حديث ابن عمر: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان.

أخرجه: البخاري في صحيحه (١/ ١٢) كتاب الإيمان باب الإيمان وقول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس حديث رقم ٨، ومسلم في صحيحه (١/ ٤٥) كتاب باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم ١٦. فإنه ذكر الحج مفردا.

٢ - وروى جابر أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا رسول الله، أخبرني عن العمرة، أواجبة هي؟ فقال: لا، وأن تعتمر خير لك».

أخرجه: أحمد في مسنده ٢/ ٣١٦ حديث رقم ١٤٤٣٧، وأبي يعلي في مسنده ٣/ ٤٤٣ حديث رقم ١٩٣٨، والدارقطني في سننه ٢/ ٢٨٥ كتاب الحج باب المواقيت حديث رقم ٢٢٣.

٣ - وروى أبو هريرة: «الحج جهاد والعمرة تطوع».

أخرجه: ابن ماجة في سننه ٢/ ٩٩٥ كتاب الحج باب العمرة حديث رقم ٢٩٨٩، والطبراني في المعجم الأوسط ٧/ ١٧ حديث رقم ٦٧٢٣.

وجه الدلالة: فهذه الأحاديث المشهورة الثابتة الواردة في تعداد فرائض الإسلام لم يذكر منها العمرة.

القول الثاني: قال الشافعية في الأظهر، والحنابلة: العمرة فرض كالحج.

انظر: مختصر المزني (٨/ ١٥٩)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٤٦٣).

استدل أصحاب هذا القول بالقرآن والسنة فأما القرآن: قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} [سورة البقرة: ١٩٦] وجه الدلالة: أي ائتوا بهما تأمين ومقتضى الأمر الوجوب.

وأما السنة: روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قلت: يا رسول الله، هل على النساء جهاد؟ قال: نعم، جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة».

أخرجه: الدارقطني في سننه ٢/ ٢٨٤ كتاب الحج باب المواقيت حديث رقم ٢١٥، والبيهقي في سننه ٤/ ٣٥٠ كتاب الحج باب من قال بوجوب العمرة حديث رقم ٨٥٤٠.» وتعارض الأخبار في ذلك، ولظاهر


(١) اختلف الحنفية في العمرة هل هي فرض أم تطوع، وكان المؤلف مع من قال بأنها تطوع.
انظر: بدائع الصنائع للكاساني الحنفي ٢/ ٢٦٦، تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي ٢/ ٨٣.