للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(على الوجه الذي قدمنا)

أي: من صفة التحليف بأنه يحلف على البتات، يحلف ما أبق منذ بلغ مبلغ الرجال؛ لأنه لو حُلّف مطلقاً كان فيه ترك النظر في حق البائع؛ لأنه إذا أبق في يد المشتري بعد البلوغ، وقد كان أبق في يد البائع في حالة الصغر، ومثل هذا الإباق غير موجب للرد لما ذكرنا، فيمتنع البائع عن الحلف بأنه لم يأبق حذاراً من اليمين الكاذبة، فيقضى عليه برد العبد، بسبب نكوله عن اليمين، مع أنه ليس للمشتري ولاية الرد في هذا، فيتضرر البائع، فيكون القول للقابض، كما في الغصب فهذا أحق، ولأن المنازعة بينهما في مقدار المقبوض، فالمشتري ينكر الزيادة، ثم البيع انفسخ في المردود بالرد (١)، وذلك مسقط للثمن من المشتري، والبائع يدعي لنفسه بعض الثمن عليه بعدما ظهر سبب المسقط، والمشتري منكر لذلك، فالقول قوله (٢) مع يمينه.

وكذا إذا اتفقا على مقدار المبيع واختلفا في المقبوض أي: في مقدار المقبوض بأن كان المبيع جاريتين ثم اختلفا، فقال البائع للمشتري: قبضتهما، وقال المشتري: ما قبضت إلا أحدهما، فالقول قول المشتري (٣) هناك، فهنا أولى؛ لأن كون المبيع شيئين كان أمارة ظاهرة في أن المقبوض أيضاً شيئان؛ لأن العقد عليهما سبب مطلق لقبضهما، ومع ذلك كان القول قول القابض هنا (٤) أولى.

(لما بينا) إشارة إلى أنه إذا وقع الاختلاف في مقدارات (٥) المقبوض كان القول قول القابض؛ لأنه أعرف بما قبضه.

(لأن الصفقة تتم بقبضهما) (٦)

[[الخلاف في مقدار المقبوض]]

أي: البيع اللازم، وهو الذي لا خيار فيه، إنما يتم بقبض المبيع؛ لما أن تصرف المشتري بالمبيع (٧) قبل القبض لا يصح، فكانت الصفقة غير تامة قبل القبض، وإنما قلنا: إن معنى الصفقة هذا استدلالاً بما ذكر في الإيضاح، وقال فيه: وتفسير الصفقة هو العقد الذي تناهى في حق موجبه. قال عمر -رضي الله عنه-: "البيع صفقة أو خيار" (٨) معناه: إما أن يكون متناهياً في اللزوم، أو ينفي اللزوم بشرط الخيار (٩).


(١) سقط من (ب).
(٢) أي: المشتري.
(٣) قال في الهداية: "ومن اشترى جارية وتقابضا فوجد بها عيباً فقال البائع: بعتك هذه وأخرى معها، وقال المشتري: بعتنيها وحدها، فالقول قول المشتري" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٧).
(٤) "هناك فههنا" في هامش (أ)، و"هناك" ليست في (ب).
(٥) "مقدار" في (ب).
(٦) قال: "ومن اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيباً فإنه يأخذهما أو يدعهما؛ لأن الصفقة تتم بقبضهما، فيكون تفريقها قبل التمام، وقد ذكرناه، وهذا؛ لأن القبض له شبه بالعقد، فالتفريق فيه كالتفريق في العقد، ولو وجد بالمقبوض عيباً اختلفوا فيه. ويروى عن أبي يوسف -رحمه الله- أنه يرده خاصة، والأصح أنه يأخذهما أو يردهما؛ لأن تمام الصفقة تعلق بقبض المبيع، وهو اسم للكل" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٧)
(٧) "البيع" في (ج).
(٨) سبق تخريجه ص ٢٣١.
(٩) "قوله: وقد ذكرنا إشارة إلى قوله قبيل باب خيار العيب: لأن الصفقة تتم مع خيار العيب بعد القبض وإن كان لا تتم قبله". زيادة في (ب).