للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وله: على ما قاله البعض أن الحلف يترتب على الدعوى الصحيحة إلى آخره) (١)

ففي هذا إشارة إلى أنه لا يشترط لترتيب البينة على الدعوى أن تكون الدعوى صحيحة، بل تقوم البينة فيما لا دعوى فيه أصلاً، كما في الحدود، فأولى أن تقوم عند فوات صحتها، وإذا كان كذلك لم يلزم من صحة (٢) ترتيب البينة على مثل هذه الدعوى -التي هي فاسدة- أن يلزم صحة ترتيب التحليف عليها؛ لأنه يجوز أن يقبل البينة في موضع ولا يقبل التحليف، ألا ترى أن الوكيل والوصي يعتبر إقامة بينتهما على الوكالة والوصاية، ولا يستحلف منكر الوكالة والوصاية، وكذلك في باب الحدود.

وإنما قلنا: إن الدعوى ليست بصحيحة؛ لأن الدعوى إنما تصح ممن هو خصم للمدعى عليه [ولا يصير المدعي -وهو المشتري ههنا- خصماً للمدعى عليه] (٣) -وهو البائع- إلا بعد إثبات العيب بالحجة الشرعية على أنه موجود في الحال، ولم يقدر على إثباته، بل عجز عن إقامة البينة [على قيام العيب في المبيع في الحال، فلا يكون خصماً، ثم الفرق من إقامة البينة] (٤) والتحليف حيث لم يشترط صحة الدعوى في البينة، واشترطت في التحليف هو أن التحليف شرع (٥) لقطع الخصومة فكان مقتضياً سابقة (٦) الخصم، ولن يكون المشتري خصماً للبائع هنا إلا بعد إثبات قيام العيب في يد المشتري، ولم يثبت ذلك، فلا يكون خصماً، فلم يشرع التحليف لانتفاء موجبه، وهو قطع الخصومة، وأما البينة فمشروعة لإثبات كونه خصماً، فيكون أبداً من غير خصم (٧)، ألا ترى أن الرجل يقيم البينة على أنه وارث فلان أو وكيل فلان فإنه يصح، فبالوراثة (٨) والوكالة تثبت الخصومة بينهما، لدعوى كل واحد منهما خلاف ما (٩) يدعيه الآخر.


(١) قال في الهداية: "وله على ما قاله البعض أن الحلف يترتب على دعوى صحيحة، وليست تصح إلا من خصم، ولا يصير خصماً فيه إلا بعد قيام العيب. وإذا نكل عن اليمين عندهما يحلف ثانياً للرد على الوجه الذي قدمناه. قال -رضي الله عنه-: إذا كانت الدعوى في إباق الكبير يحلف ما أبق منذ بلغ مبلغ الرجال؛ لأن الإباق في الصغر لا يوجب رده بعد البلوغ". الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٧).
(٢) "حجة" في (ب).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٥) "شرط" في (ب).
(٦) "مسابقة" في (ب).
(٧) سقط من (ب).
(٨) سقط من (ب).
(٩) سقط من (ب).