للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ضابط في الإنفاق]]

(لأن القضاء حينئذ يكون إعانةً) لا إلزامًا؛ لأنّ اللُّزوم ثابت قبل القضاء فيكون القضاء إعانةً.

(فمِن الأوَّل) وهم الذين يستحقُّون النَّفَقَة بغير قضاء القاضي.

(ومِن الثَّاني) وهم الذين لا يستحقُّون النَّفقة بدون قضاء القاضي.

(الأخ والأخت والخال) فإنّه لا يجب عليه نَفَقتهم إلا بقضاء أو رضا؛ لأنَّه مجتهَد فيه، ولهذا لم يكُن لهم الأخذ من غير قضاء أو رضا (١)؛ كذا في نفقات الذخيرة.

(لأنَّه يصلح) أي: لأنالتِّبْر (٢) يصلح.

(وهذا إذا كانت) أي: الدّراهم والدّنانير.

(وهذا إذا لَم يكونا ظاهرَين) أي: الدَّين والوديعة والنِّكاح والنَّسب. جَعَل (٣) الدَّين والوديعةَ شيئًا واحدًا، والنِّكاح والنَّسب شيئًا واحدًا، فلذلك ذكرَهما بلفظ التثنية. والدَّليل على هذا ما ذكره بعده بقوله: (وإنْ كان أحدهما ظاهِر (٤): الوديعة والدَّيْن أو (٥) النِّكاح والنَّسب يشترَط الإقرار بما ليس بظاهر) أي: إقرار المُودَع بأنَّ هذا وديعةُ فلان إذا لم تكُن الوديعة ظاهرةً عند القاضي أو إقرار المُودَع بأنَّ هذه زوجة ذلك الغائب، إذا لم تكن الزوجية ظاهرة عند القاضي.

(هذا هو الصحيح) هذا احتراز عن جوابِ القياس وهو قول زُفَرَ -رحمه الله-.

وذكر في المبسوط: "وقَال زُفَر: لا يُنفِق منها عَليهم، لأنَّ إقرار المُودَع ليس بحجَّة على الغيب، وهو ليس بخصم على الغائب، ولا يُقضى على الغائب إذا لم يكُن عنه خصمٌ حاضر. ولكنَّا نقول: المُودَعُ مقِرّبأنَّ ما في يده ملك الغائب وأنَّ للزَّوجة والولد حقُّ الإنفاق منه، وإقرار الإنسان فيما في يدِه مُعتبر فينتصب هو خصمًا باعتبار ما في يده ثم يتعدَّى القضاء منه إلى المفقود] (٦).

[[حكم المفقود مع زوجته]]

(لأنَّ عمر -رضي الله عنه- هكذا قضى في الذي استهوته الجن) (٧) أي: جرَّته إلى المهاوي، وهي: المساقِط والمهالك، كما يقال: استغوَته أَي: جرَّتْه إلى الغواية (٨)؛ كذا في التيسير.


(١) ينظر البناية شرح الهداية (٧/ ٣٦٠).
(٢) التِّبْرُ: مَا كَانَ مِنْ الذَّهَبِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ فَإِنْ ضُرِبَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَيْنٌ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: التِّبْرُ مَا كَانَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ غَيْرَ مَصُوغٍ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: التِّبْرُ كُلُّ جَوْهَرٍ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ كَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَغَيْرِهِمَا. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٧٢).
(٣) في (ب) "وجعل".
(٤) في (ب) "ظاهرا".
(٥) في (ب) "و".
(٦) المبسوط للسرخسي (١١/ ٤٠ - ٤١).
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب النكاح، باب ومن قال: تعتد وتزوج ولا تربص، برقم (١٦٧٢٠) ٣/ ٥٢٢.
عن ابن عيينة، عن عمرو، عن يحيى بن جعدة، أن رجلا استهوته الجن على عهد عمر، فأتت امرأته عمر، فأمرها "أن تربص أربع سنين، ثم أمر وليه بعد أربع سنين أن يطلقها، ثم أمرها أن تعتد، فإذا انقضت عدتها تزوجت، فإن جاء زوجها خير بين امرأته والصداق".
قال ابن حجر: وهذا منقطع. الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ١٤٢).
(٨) ينظر تفسير القرطبي (٧/ ١٨).