للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجوز بيع بيضه (١)

[[بيع دود القز وبيضه]]

أي: بيض دود القز، وهو الذي يقال بالفارسية: نخم (٢) بلَّه.

عند أبي حنيفة - رحمه الله-

"لما ذكره من الدليل في بيع النحل، وهو أن الانتفاع بما يخرج منه لا بعينه، فلا يكون منتفعاً به قبل الخروج، فلا يجوز البيع، ففي مسألة دود القز مرَّ أبو حنيفة - رحمه الله - على أصله المذكور في بيع النحل، وكذا محمد - رحمه الله - مرَّ على أصله فقال بالجواز فيهما، وأما أبو يوسف -رحمه الله - ففرق بيع النحل مع أبي حنيفة، وفي بيع دود القز مع محمد فقال: ما ظهر من القز متنفع به في المستقبل، فكان بمنْزلة المهر بخلاف النحل، كذا في الفوائد الظهيرية، وعندهما يجوز لمكان الضرورة. قال الإمام المحبوبي: وعليه الفتوى. وكذا ذكره في الذخيرة وقال: فإنه اختيار الصدر الشهيد" (٣).

(وكان أشهد) (٤)

أي: للرد على المولى؛ لأنه أمانة عنده، حتى لو هلك قبل الوصول إلى المولى هلك من مال المولى.

(وقبض الأمانة لا ينوب عن قبض المبيع)

لأن قبض المبيع قبض ضمان، ألا ترى أن المقبوض على سوم الشرى مضمونة بالقيمة، ولكن وجوب الثمن في البيع مانع عن وجوب القيمة، فقبض الضمان أقوى من قبض الأمانة؛ لتأكد قبض الضمان باللزوم والملك، أما اللزوم فإن المشتري لو امتنع عن قبض المبيع يجبر على قبضه وبعدما قبض ليس للبائع فسخه بخلاف الهبة، وأما الملك فإن الضمان يثبت الملك من الجانبين، على ما هو الأصل، بخلاف قبض الوديعة.


(١) قال في الهداية: "لا يجوز بيع دود القز عند أبي حنيفة؛ لأنه من الهوام، وعند أبي يوسف -رحمه الله- يجوز إذا ظهر فيه القز تبعاً له، وعند محمد -رحمه الله- يجوز كيفما كان؛ لكونه منتفعاً به، ولا يجوز بيع بيضة عند أبي حنيفة -رحمه الله- وعندهما يجوز؛ لمكان الضرورة. وقيل: أبو يوسف مع أبي حنيفة -رحمه الله- كما في دود القز والحمام إذا علم عددها، وأمكن تسليمها، جاز بيعها؛ لأنه مال مقدور التسليم". الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٦).
(٢) "كرم" في (ج).
(٣) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ٣٤٧).
(٤) قال في الهداية: "ولا يجوز بيع الآبق؛ لنهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عنه، ولأنه لا يقدر على تسليمه، إلا أن يبيعه من رجل زعم أنه عنده؛ لأن المنهي عنه بيع آبق مطلق، وهو أن يكون آبقاً في حق المتعاقدين، وهذا غير آبق في حق المشتري؛ ولأنه إذا كان عند المشتري انتفى العجز عن التسليم، وهو المانع، ثم لا يصير قابضاً بمجرد العقد إذا كان في يده، وكان أشهد عنده أخذه؛ لأنه أمانة عنده" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٧).