للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أي: هذه الإجارة، وهي إجارة الكلأ، عقدت على استهلاك عين] (١)؛ لأن الكلأ عين فلذلك [لا يجوز إجارته بالطريق الأولى، لأن الإجارة إذا عقدت على] (٢) استهلاك عين مملوك لا يجوز، فهنا أولى؛ لأن الكلأ مباح، وليس بمملوك لأحدٍ، وكان عدم جواز إجارة الكلأ لمعنيين: أحدهما: وقوع الإجارة في عين غير مملوك. والثاني وقوعها في استهلاك العين؛ لما أن شرعية الإجارة إنما/ كانت في استهلاك المنافع، لا في استهلاك العين. وذكر في الفوائد الظهيرية: "وكذلك لا يجوز الإجارة؛ لأن المستحق بالإجارة على الآخر المنافع دون الأعيان، إلا إذا كانت الأعيان آلة لإقامة العمل المستحق بالإجارة كالصبغ في أشجار الصباغ، واللبن في استئجار الظئير (٣)؛ لكونه آلة للحضانة والظؤورة" (٤). وذكر الإمام التمرتاشي بخلاف استئجار الظئير حيث يجوز؛ لأن لبن بنات آدم في حكم المنفعة، ولهذا لا يجوز بيعه، ولا يضمن متلفه والانتفاع بما يخرج منه لا بعينه، فبقوله: لا بعينه، وقع الاحتراز عن بيع المهر (٥) والجحش (٦) فإنهما -وإن كانا لا ينتفع بهما في الحال- ولكن يتنفع بهما في المآل بأعيانها، فيجوز البيع.

[بيع النحل]

"الكوَّارة -بالضم والتشديد- عن الثوري (٧): معسل النحل إذا سوى من طين، وفي التهذيب: كوارة النحل وكوارة -مخففة-، وفي باب الكاف: الكوار والكوارة، هكذا مقيدان بالكسر من غير تشديد، كذا في المغرب (٨)، وقيد الزمخشري (٩) بفتح الكاف، وفي الغريبين (١٠) بالضم" (١١). كذا ذكره الكرخي في مختصره هكذا ذكر هنا، "وذكر في موضع آخر أن هذا قول القدوري، وأنكر أبو الحسن -وهو الكرخي- جواز بيع النحل مع العسل (١٢) وقال: إنما يدخل الشيء في بيع تبعاً لغيره إذا كان من حقوقه، كالشرب والطريق، وهذا ليس من حقوقه" كذا في الفوائد الظهيرية (١٣). "وعن محمد - رحمه الله -: يجوز كيف ما كان، وعليه الفتوى، كذا ذكره الإمام المحبوبي، فكذا هو اختيار الصدر الشهيد" ذكره في الظهيرية.


(١) سقط من (ب).
(٢) سقط من (ب).
(٣) الظئر -بكسر الظاء المعجمة بعدها همزة ساكنة-: الحاضنة، والحاضن أيضاً، وجمعه أظآر.
المغرب (ص: ٢٩٧)، المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ٣١٧).
(٤) درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ١٧١).
(٥) يُقالُ لولدِ الفَرَسِ: المُهْرُ، والجمع: أمْهارٌ ومِهارٌ ومِهارَةٌ. والأنثى مهرة، والجمع: مهر ومهرات. الفرق للسجستاني (ص: ٢٤٧)، الصحاح (٢/ ٨٢١).
(٦) الجحش: ولد الْحمار الأهلي والوحشي. وَرُبمَا سمي الْمهْر جحشاً تَشْبِيها بذلك. جمهرة اللغة (١/ ٤٣٨).
(٧) "الغودي" في (ب).
(٨) المغرب (ص: ٤١٨).
(٩) مَحْمُود بن عمر بن مُحَمَّد الزَّمَخْشَرِيّ، الإِمَام الْكَبِير، الْمَضْرُوب بِهِ الْمثل فى علم الأَدَب، لَقِي الْفُضَلاء وصنف التصانيف: التَّفْسِير، وغريب الحَدِيث، وَغَيرهمَا، وشهرته تغني عَن الأَطْنَاب بِذكرِهِ، ولد بزمخشر -قَرْيَة من قرى خوارزم- فى رَجَب سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبع مائَة، وَتُوفِّي بجرجانية خوارزم، لَيْلَة عَرَفَة من سنة ثَمَان وَثَلاثِينَ وَخمْس مائَة. الجواهر المضية (٢/ ١٦١).
(١٠) كتاب الغريبين: غَرِيب الْقُرْآن وغريب الحَدِيث فِي نظام وَاحِد، تأليف أبي عبيد أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي عبيد الْهَرَوِيّ -رحمه الله-. فهرسة ابن خير الإشبيلي (ص: ٦١)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٢٠٩).
(١١) شرح فتح القدير (٦/ ٣٨٥).
(١٢) قال في الهداية: "قال: ولا يجوز بيع النحل، وهذا عند أبي حنيفة -رحمه الله- وأبي يوسف -رحمه الله-. وقال محمد -رحمه الله-: يجوز إذا كان محرزاً، وهو قول الشافعي -رحمه الله-؛ لأنه حيوان منتفع به حقيقةً وشرعاً، فيجوز بيعه وإن كان لا يؤكل كالبغل والحمار. ولهما أنهما من الهوام، فلا يجوز بيعه، كالزنابير، والانتفاع بما يخرج منه لا بعينه، فلا يكون منتفعاً به قبل الخروج، حتى لو باع كوارة فيها عسل بما فيها من النحل يجوز تبعاً له، كذا ذكره الكرخي -رحمه الله-" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٤٥).
(١٣) المحيط البرهاني (٦/ ٣٤٧).