للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: لو كان كونه أخص به من غيره مجوزاً للبيع ينبغي أن يجوز بيع الكلأ إذا أنبته صاحب الأرض بالسقي والتربية في أرضه.

قلت: فيه اختلاف الرواية، فإنه ذكر في الذخيرة والمحيط (١): "ولو باع حشيشاً في أرضه إن كان صاحب الأرض هو الذي أنبت؛ بأن سقاها لأجل الحشيش فنبت بتكلفة جاز له؛ لأنه ملكه، ألا ترى أنه ليس لأحد أن يأخذه بغير إذنه، وإن نبت بنفسه لا يجوز؛ لأنه ليس بمملوك له، بل هو مباح الأصل، ألا ترى أن لكل أحد أن يأخذه، فلهذا لم يجز بيعه. هكذا ذكر في النوازل وفي القدوري، ولا يجوز بيع الكلأ في أرضه، وكذا لا يجوز بيع الكمأة في الأرض، قال: ولو ساق الماء إلى أرضه ولحقته مؤنة حتى خرج الكلأ لم يجز بيعه قال: لأن الشركة في الكل (٢) ثابتة بالنص، وإنما ينقطع الشركة بالحيازة (٣)، وسوق الماء إلى الأرض ليس بحيازة للكلأ، فبقي الكلأ على الشركة فلا يجوز بيعه، وما ذكره القدوري يخالف ما ذكر في النوازل"، ولكن ذكر الإمام التمرتاشي جوازه مطلقاً فقال: وفي الإسبيجابي عن المتأخرين إذا نبت الكلأ بسقي رب الأرض وقيامه على ذلك ملك، وجاز بيعه قبل الاحتشاش، ولو احتشه إنسان بلا إذن كان له الاسترداد" وهو مختار الشهيد، وذكر بكر (٤) في اختلاف أبي حنيفة إذا ثبت الكلأ في ملكه بإنباته جاز بيعه، وكذا لو حدق (٥) حول أرضه وهيأها للإنبات حتى نبت القصب وصار ملكاً له.

ثم قال: ولم يذكر أن إجارة الكلأ وقعت فاسدة أم باطلة، وذكر في الشرب أنها فاسدة حتى يملك (٦) الآجر الأجرة بالقبض، وينفذ عتقه فيها، ذكر الحلواني عن محمد رحمهما الله - الكلأ ما ليس له ساق، وما قام على الساق فليس بكلأ، مثل الحاج (٧)، وكان الفضيلي يقول: هو كلأ" (٨).

وأما الإجارة فلأنها عقدت (٩) على استهلاك عين (١٠)


(١) المحيط البرهاني (٦/ ٣٤٠).
(٢) "الكلأ " في (ب).
(٣) الحيازة: مصدر حاز، والحيازة: حيازة الرجل ما في حوزته من مال أو عقار والأرض الزراعية. القاموس الفقهي (ص: ١٠٤)، المعجم الوسيط (١/ ٢٠٦).
(٤) سقط من (ب).
(٥) قال أبو عبيدة: كل ما أحدق به البناء فهو حديقة، وما أحدق به الشجر من ذلك، يقال: حدق وأحدق، أي أحاط. تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم (ص: ٣٦٩).
(٦) سقط من (ب).
(٧) المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٤١٣).
(٨) فتح القدير (٦/ ٣٨٤).
(٩) "وردت" زيادة في (ب).
(١٠) قال في الهداية: "قال: ولا يجوز بيع المراعي ولا إجارتها" المراد الكلأ، أما البيع فلأنه ورد على ما لا يملكه لاشتراك الناس فيه بالحديث، وأما الإجارة فلأنها عقدت على استهلاك عين مباح، ولو عقد على استهلاك عين مملوك بأن استأجر بقرة ليشرب لبنها لا يجوز، فهذا أولى" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٦).