للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقلنا: إذا كان شيئاً لا يمكن حفظ الدَّابة والتحرُّز عنه لا يعتبر فيه متعدِّياً، وذلك كالنفحة بالرجل والضَّرب بالذَّنب لأنَّ كل ذلك يكون وراء الرَّاكب والقائد وجعل في حق النفحة والضرب بالذنب في حق الرَّاكب والقائد طريق المسلمين ملحقاً بملكه.

وأمَّا السَّائق هل يضمن؟ اختلف المشائخ [فيه] (١) ولا يتقيد فيما لا يمكن الاحتراز عنه لما فيه من المنع من التصرف، يعني: أنَّا لو شرطنا عليه السلامة فيما لا يمكن التحرز عنه تعذر عليه استيفاء حقه؛ لأنَّه يمتنع من المشي والسير على الدَّابة مخافة أن يبتلى بما لا يمكن التحرز عنه.

فأمَّا ما يُستطاع الامتناع (٢) [عنه] (٣) لو شرط [عليه] (٤) صفة السَّلامة من ذلك لا يمتنع عليه استيفاء حقه وإنَّما يلزمه به نوع احتياط في الاستيفاء كذا في «المبسوط» (٥).

(واَلنَّفْحَةُ بِالرِّجْلِ وَالذَّنَبِ لَيْسَ يُمْكِنُهُ الاحْتِرَازُ عَنْهُ مَعَ السَّيْرِ عَلَى الدَّابَةِ (٦)؛ لأنَّ وجه الراكب أمام الدَّابة لا خلفها.

(وَإِنْ أَوْقَفَهَا (٧) كان حقه أن يقال: وإن وقفها، لأنَّ قولك: وقف وقفاً متعد ووقف وقوفاً لازم. وفي «المُغرب» ولا يقال: أوقفه إلا في لغة رديَّة (٨).

والمردَف (٩) (فِيْمَا ذَكَرْنَا كَالرَّاكِبِ) أي: في موجب الجناية؛ (لأَنَّ المَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ (١٠) وهو معنى المباشرة، وتصرف الدَّابة في التسيير على ما أراد (١١). (١٢)

[[ضمان الراكب والرديف والسائق والقائد سواء]]

وفي «المبسوط» والرَّاكب والرديف والسائق والقائد في الضَّمان سواء؛ لأنَّ الدَّابة في أيديهم وهم يسيرونها (١٣) ويصرفونها كيف شاؤوا وذلك مروي عن شريح إلا أنَّه لا كفارة على السائق والقائد فيما أوطأت؛ لأنهما مسببان للقتل والكفَّارة جزاء مباشرة القتل، وأمَّا الرَّاكب والرديف فمباشران للقتل بثقلهما (١٤) فعليهما الكفارة كالنائم إذا انقلب على إنسان فقتله (١٥).


(١) زيادة في (ب).
(٢) وفي (ب) (الاحتراز).
(٣) سقط في (ب).
(٤) زيادة في (ب).
(٥) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٨٨).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٨).
(٧) بداية المبتدي (٢٥٠).
(٨) يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (٢/ ٣٦٦).
(٩) الردف: المرتدف، وهو الذى يركب خلف الراكب. وأردفته أنا، إذا أركبته معك، وذلك الموضع الذى يركبه رداف. وكل شئ تبع شيئا فهو ردفه. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (٤/ ٤٩).
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٨).
(١١) وفي (ب) (أرادا).
(١٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٦٨)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٥٦).
(١٣) وفي (ب) (يسيرونهانها).
(١٤) وفي (ب) (لثقلهما).
(١٥) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٩٠)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٥٦).