للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الإيضاح» (١): "وإنما لم يجعل وقوف المزدلفة ركنًا"؛ لأن الركن لا يثبت إلا بدليل مقطوع به، وقد أجمعت الأمة على كون الوقوف بعرفة، والطواف من جملة الأركان فأما وقوف المزدلفة، فلم ينعقد الإجماع على كونه ركنًا، بل الحديث ورد دالًا على أنه ليس بركن (٢)، على ما يجيء، ولأنهم أجمعوا على أن الجماع قبل الوقوف بعرفة مفسد للحج وبعده لا، والإِحْصَار قبله إحصار، وبعده لا، وعدم الإدراك لوقته الخاص مفوت للحج بخلاف سائر الأفعال، فكانت هذه الأحكام الثلاثة دالة على أنهم أجمعوا على أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم، وذكر في «الأسرار» (٣): (ولأن أصل الحجّ ثابت بالكتاب يقينًا)، وهو عبارة عن أركانه فلا يثبت ركن منه له ركنًا إلا من الطريق الذي ثبت أصله، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» (٤) فمثل هذه الصيغة صالح لإثبات الركنية، فيُلحق بالكتاب في إثبات الركنية.

(وإذا زالت الشمس) (٥) أي في عرفات. (فيخطب خطبة) (٦)

أي: قبل الصلاة. (والجمع منها)، أي: الجمع بين الصلاتين من المناسك.

حكم صلاة الظهر والعصر معاً يوم عرفة

(وعن أبي يوسف -رحمه الله-: أنه يؤذن قبل خروج الإمام).

لأن هذا الأذان لأداء الظهر [كما في سائر الأيام، (ويصلي بهم الظهر،

والعصر في وقت الظهر) (٧)، وفي «الجامع الصغير» (٨) لقاضي خان: في آخر وقت الظهر] (٩).

(ولا يتطوع بين الصلاتين) (١٠).

وفي «التحفة» (١١): (ولا يشتغل الإمام، ولا القوم بالسنن والتطوع فيما بينهما، فإن اشتغلوا بذلك أعاد المؤذن أذان العصر، ويخفي الإمام بالقراءة فيهما كما في سائر الأيام).


(١) العناية شرح الهداية (١/ ٢٩٤)،
(٢) القول بالوجوب وأنه ليس بركن هو قول الحنابلة والشافعية والمالكية (جمهور فقهاء الأمصار) المبسوط (٤/ ٦٣)، شرح معاني الآثار للطحاوي (٢/ ٢١١)، الإشراف للبغدادي: (/ ٢٣٢)، المغنى (٥/ ٢٨٤)، بداية المجتهد (١/ ٣٥٠)، الكافي (١/ ٣٧٣)، المدونة (١/ ٤١٧)، الإفصاح (١/ ٢٧٩)، مع اختلاف بينهم في وجوب الدم بتركه. المجموع (٨/ ١٣٠)، فتح القدير (٢/ ٤٨٢)، بدائع الصنائع (٣/ ١١١٧)، شرح النووي على مسلم (٨/ ١٨٨)
(٣) انظر: الأسرار (ص ٣٨٣).
(٤) سبق تخريجه (٢٤٣)
(٥) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٥)
(٦) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٥)
(٧) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٥)
(٨) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٤٧٠)، واللباب في شرح الكتاب (١/ ١٨٨).
(٩) أثبته من (ب).
(١٠) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٥)
(١١) انظر: تحفة الفقهاء (١/ ٤٠٤).