للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الذخيرة» (١)، و «المحيط» (٢): (ويصلي الإمام بهم العصر في وقت الظهر من غير أن يشتغل بين الصلاتين بالنفل غير سنة الظهر).

وفي «شرح الطحاوي» (٣): (فيصلي بهم الإمام صلاة الظهر، والعصر في وقت الظهر بأذان واحد (٤)، وإقامتين إلا إذا اشتغلوا فيما بينهما بالتطوع، أو بغيره أعادوا الأذان للعصرخلافًا لمحمد -رحمه الله-) لما روي عن محمد أنه يقول: لا يعيد الأذان؛ لأن الوقت قد جمعهما، فيكفيهما أذان واحد كالفوائت.

ونحن نقول: بأن الأذان للإعلام، وكل صلاة أصل بنفسها إلا أنه إذا جمع بينهما استغنينا عن الإعلام، وإذا قطع على حكم الأصل. كذا في «الإيضاح» (٥).

(ومن صلى الظهر في رحله وحده صلى العصر في وقته) (٦) عند أبي حنيفة -رحمه الله-، وقالا: يجمع بينهما المنفرد).

فالحرف الذي يدور عليه أصل اختلافهم: هو أن تقديم العصر على وقته لماذا عندهما؟ لأجل امتداد الوقوف، فإنه لو صلى كل واحدةٍ منهما في وقتها تخيل امتداد الوقوف.

وعند أبي حنيفة -رحمه الله- لأجل محافظة الجماعة، لا لأجل إعانة امتداد الوقوف.

ثُمَّ الشأن في الترجيح، فقالا: تقديم العصر لأجل الوقوف، بدلالة أنه لا جمع لمن لا وقوف عليه، وهذا تعظيم شأن الوقوف، فقُدِّم العصر ليقع الوقوف من

أوله إلى آخره متصلًا غير منقطع ليكون أفضل. هذا كما في (٧) نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة بعد الفجر حقًّا لصلاة الفرض؛ ليكون الوقت في حكم المشغول به، لا لذهاب الوقت حتى حلّ أداء الفرض لو أخر إليه، وحلّ أداء فرض آخر مثله، وفي حق الوقوف المنفرد وغيره سواء، فيجوز للمنفرد التقديم كما يجوز للذي يصلي بجماعة.

وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: إن النص المجمع عليه في التعجيل جاء مع الجماعة، فأما المنفرد ففيه اختلاف على ما هو المروي عن ابن مسعود/ وذلك لأن فضيلة الجماعة لا يجوز تفويتها لحق الوقوف؛ لأن الجماعة تفوت لا إلى خلف، وحق الوقوف يتأدى قبل وبعد أو معه، والناس يتفرقون في الموقف، وهو موضع ذو عرض وطول، فلا يمكنهم إقامة الجماعة إلا بالاجتماع، وأنه يتعذر مرتين في العادات، فعجل العصر حتى لا يفوتهم فضيلة الصلاة بالجماعة.


(١) انظر: المحيط البرهاني (٢/ ٤٢٧).
(٢) انظر: المحيط البرهاني (٢/ ٤٢٧).
(٣) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٤٦٩).
(٤) وعند مالك: يؤذن ويقام لكل منها.
انظر: تبيين الحقائق (٢٤١٢)، البناية (٣/ ٥٢٢)، البحر (٢/ ٣٦١)، بداية المجتهد (١/ ٣٤٧)، المجموع (٨/ ٩٦)، الإنصاف (٩/ ١٥٧).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٤٧٠).
(٦) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٥)
(٧) ساقطة من (ج).