للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الذخيرة» (١): وهذاَ كُلُّهُ إذا كانَ الإفطارُ قبلَ الزَّوالِ، فأمّا إذا كانَ بعدَ الزوالِ، فلا ينبغي لهُ أنْ يفُطِرَ إِلاَّ إذا كانَ في تَرْكِ الإفطارِ عقُوقٌ بالوالدينِ أو بأحدِهَمِا.

[إذا وجب عليه الصَّوْم أثناء اليوم]

وإذا بلغَ الصبيُّ، أو أَسْلَمَ الكافِرُ في رمضانَ أمسَكَاْ بقيةَ يوَمِهِمِاَ (٢)، اختلفوا في إمساكِ البقيةِ أنّهُ على طريقِ الاستحسانِ، أو على طريقِ الإيجابِ. ذَكَرَ مُحَمَّد بنُ شُجاعٍ -رحمه الله- (٣) أنّهُ على طريقِ الاستحبابِ (٤)؛ لِأَنّهُ مُفْطِرٌ فكيفَ يجبُ عليهِ الكَفُّ عنِ المُفطِراتِ؟ وقدَ قالَ أبو حنيفةَ -رحمه الله- في كتابِ الصَّوْم (٥): إنَّ الحائضَ إذا طَهُرَتْ في بعضِ النَّهارِ لا يحسنُ لها أنْ تأكَلَ وتشربَ، والناسُ صِيامٌ، وهذا يدُّل على الاستحبابِ. وقالَ الشيخُ الإمامُ الزاهدُ الصفارُ -رحمه الله- (٦): الصحيحُ أنَّ ذلك على الإيجابِ (٧)؛ لِأَنَّ محمدًا -رحمه الله- ذكَرَ في كتابِ الصَّوْم فليصُمْ بَقيُةَ يومِهِ (٨)، والأَمر على الإيجابِ وقالَ في الحائضِ: إذاَ طهُرَتْ في بعضِ النَّهارِ فُلْتدَعْ الأَكْلَ والشُّرْبَ، وهذا أمرٌ أيضًا، والذي قالَ: لا يَحْسُنُ لها أنْ تأكَل وتشربَ معناهُ يقُبحٍ منها ذلكَ، ألا ترى أنهُ قالَ في المسافرِ: إذا أقامَ بعدَ الزَّوالِ أني أستقبحُ أنْ يأكلَ ويشربَ، والناسُ صِيامٌ، وهو مُقيمٌ، فقد فسَّرَ ما لا يَحْسُنُ بالاستقباحِ، ولا يُسترابُ إنْ تركَ ما يُستقْبَحُ شَرعًا واجِبٌ، كذا في «الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة» (٩).


(١) يُنْظَر: الأصل للشيباني (٢/ ٣٢٥)، المَبْسُوط للسرخسي (٣/ ١٥٦).
(٢) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٧)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٤٤).
(٣) هو: مُحَمَّد بن شجاع الثلجي، ويقال: ابن الثلجي، أبو عبد الله، البغدادي، الحنفي، من أصحاب الحسن بن زياد، فقيه أهل العراق في وقته، والمقدم في الفقه، والحديث، وقراءة القرآن. روى عن يحيى بن آدم، ووكيع، وابن عُليَّة، وقرأ على اليزيدي. له ميل إلى مذهب المعتزلة. من تصانيفه: "المناسك"، و"تصحيح الآثار"، و"النوادر"، و"كتاب المضاربة".
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٦٠)، الفَوَائِد البهية (ص ١٧١)، شذرات الذهب (٢/ ١٥١).
(٤) يُنْظَر: الجوهرة النيرة (١/ ١٧٧)، العناية (٢/ ٣٦٩).
(٥) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٦٣)، العناية (٢/ ٣٦٩).
(٦) هو: إسحاق بن أحمد بن شيث بن نصر بن شيث بن الحكم، أبو نصر، الصفار، وقيل: هو أحمد بن إسحاق. فقيه حنفي، من أهل بخارى، قال السمعاني: له بيت في العلم ببخارى، ورأيت من أولاده جماعة، وسكن مكة، وكثرت تصانيفه وانتشر علمه بها، ومات بالطائف، ذكره الحاكم في " تاريخ نيسابور" فقال: أبو نصر الفقيه الأديب، قدم علينا حاجًا، وما كانت رأيت ببخارى مثله في سنه في حفظ الفقه والأدب، وكان قد طلب الحديث مع أنواع من العلم.
يُنْظَر: الجواهر المضية (١/ ١٤٢)، الفَوَائِد البهية (ص ١٤)، معجم المؤلفين (٢/ ٢٣٠).
(٧) يُنْظَر: الجوهرة النيرة (١/ ١٧٧)، العناية (٢/ ٣٦٩).
(٨) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٦٣)، العناية (٢/ ٣٦٩).
(٩) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٣٦٢، ٣٦٣).