للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكرَ في «المَبْسُوط» (١): واختلتْ الرواياتُ في الضيافةِ هل يكون عُذرًا؟ رَوَى هِشام (٢) عن مُحَمَّد -رحمه الله- أنها عُذْرٌ مُبيحٌ للفِطْرِ (٣)، ورَوَىَ الحسنُ عن أبي حنيفةَ -رحمه الله- أنها لا تكونُ عُذرًا، ورَوَى ابنُ أبي مَالِكٍ (٤)، عنْ أبي يوسفَ، عن أبي حنيفةَ -رحمه الله-: أنها تكونُ عُذرًا (٥)، وهو الأظهرُ لمِا رُوِيَ عن النبيِّ -عليه الصلاة والسلام-: أنهُ كانَ في ضيافةَ رَجُلٍ منَ الأنصارِ، فامتنعُ رَجُلً مِنَ الأكلِ، وقالَ: إني صائِمً، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «إنّما دعاكَ أخوكَ لُتِكْرمَهُ فأَفْطِرُ، واقضِ يومًا مكانَهُ» (٦) ووجهُ الرِوَايةِ الأُخرى ما رُوِيَ عنْ رسولِ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- أنهُ قالَ: «إذا دُعِيَ أحدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فإنْ كانَ مفُطْرًا فليأْكُلْ، وإنْ كانَ صائِمًا فليُصُلِ، أيْ: فَلْيَدْعُ لَهُمْ» (٧)، وقالَ -عليه الصلاة والسلام-: «إنَّ أخوفَ ما أخافُ على أُمتي الشِّركُ، والشهوةُ الخفيةُ» قِيلَ: أو تُشْرِكُ أُمتكَ بعدَكَ، فقالَ: «لَاْ، ولكنَّهمُ يُراؤوُنَ بأَعْمالهِم» فَقِيلَ: وما الشهوةُ الخفيةُ؟ فقالَ: «أنْ يصُبِحَ أحدُهُمْ صائِمًا، ثُمَّ يُفْطِرُ على طعامٍ يَشْتُهْيِةِ» (٨).


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٢٥، ١٢٦).
(٢) هو: هشام بن عبيد الله الرازي، السني. تفقه على أبي يوسف، ومحمد، وحدث عن مالك، وابن أبي ذئب، وحماد بن زيد، وطبقتهم، وحدث عنه بقية بن الوليد وأبو حاتم، وجماعة. قال هشام: لقيت ألفًا وسبع مائة شيخ أصغرهم عبدالرزاق. قال أبو حاتم: صدوق، وما رأيت أحدًا أعظم قدرًا، ولا أجل من هشام بن عبيد الله بالري. قال الصيمري: غير أنه كان لينًا في الرواية. من تصانيفه: "النوادر"، و"صلاة الأثر".
يُنْظَر: سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (١٠/ ٢٤٦)، الجواهر المضية (٢/ ٢٠٥)، الفَوَائِد البهية (ص ٢٢٣).
(٣) يُنْظَر: غمز عيون البصائر (٢/ ٧٤).
(٤) هو: الحسن بن أبي مالك أبو مالك تفقه على أبي يوسف القاضي وتفقه عليه مُحَمَّد بن شجاع البلخي قال الطَّحَاوِيّ سمعت ابن أبي عمران يحدث عن ابن البلخي قال كانوا إذا قرأوا على الحسن بن أبي مالك مسائل مُحَمَّد بن الحسن قال لم يكن أبو يوسف يدقق هذا التدقيق الشديد قال الصيمري ثقة فى روايته غزيز العلم واسع الرواية كان أبو يوسف يشبهه بحمل حمل لأكثر ما يطيق توفي فى السنة التى مات فيها الحسن بن زياد سنة أربع ومائتين ذكره الدامغاني عن الطَّحَاوِيّ.
يُنْظَر: (الجواهر المضية: ١/ ٢٠٤)، و (طبقات الفقهاء: ص ١٣٨)، و (مغاني الأخيار: ١/ ٢٠٢).
(٥) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٦٢).
(٦) رَوَاهُ الْبَيْهَقِي في السنن الكبرى (١٤٩٢٩ - ٧/ ٢٦٣)، والطيالسي في مسنده (٢٣١٧ - ٣/ ٦٥٥)، وقد روي بلفظ آخر عند الجماعة الا الْبُخَارِيُ بلفظ (دعاك أخوك وتكلف لك أفطر وصم مكانه أن شئت) قال الحافظ ابن حجر اسناده حسن.
(٧) رَوَاهُ مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة (١٤٣١)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٨) رَوَاهُ أحمد في مسنده (١٧١٦١ - ٤/ ١٢٣)، من حديث شداد بن أوس. والطبراني في المعجم الكبير (٧/ ٢٨٤) من حديث شداد بن اوس (١٧١٦١) وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف جدًّا.