للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قولُهُ -رحمه الله-: (ولا سجدةَ تلاوةٍ (١)؛ لأنها فِي معنَى الصَّلاةِ) (٢) يعنِي: لَمَا كانتْ فِي معنَى الصَّلاةِ؛ كانتْ (٣) داخلةً تحتَ النهيِ عَنْ الصَّلاةِ فِي قولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثُ أوقاتٍ نهانا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُصلَّى فيها» (٤).

[القهقهة فِي الصلاة]

فَإِنَّ قلتَ: لِمَ يلحقُ سجدةُ التلاوةِ بالصَّلاةِ فِي قولِه -صلى الله عليه وسلم-: «إلا منْ ضحكَ منكمْ قهقهةً، فليُعدِ الوضوءَ والصَّلاة جميعًا» (٥) حَتَّى لا ينتقضَ وضوؤُهُ بالقهقهةِ فِي سجدةِ التلاوةِ [و] (٦) معَ أنَّ الصَّلاةَ محلًّى بالألفِ واللامِ، وهاهنا غيرُ محلًّى يهما، فكيفَ تناولَهُمَا اسمُ الصَّلاةِ؟

قلتُ: عدمُ الإلحاقِ هناكَ باعتبارِ أنَّ اللامَ/ فِي قولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «فليعدِ الوضوءَ والصَّلاةَ جميعًا» للعهدِ؛ لأَنَّهُ إِنَّمَا يعيدُ الصَّلاةَ؛ الَّتِي وُجدتْ فيها القهقهةُ (٧)، لا جنسَ الصَّلاةِ، والصَّلاةُ المعهودةُ كانتْ ذاتَ التحريمةِ والركوعِ، والسجودِ، فلا يتناولُ السجودَ مجردًا من غيرِ تحريمةٍ، وأما هاهنا؛ النهيُ عَنْ الصَّلاةِ فِي هَذِهِ الأوقاتِ؛ لكيلا يقعَ التشبهُ (٨) بالصَّلاةِ بمنْ يعبدُ الشمسَ، وبالسجودِ يحصلُ التشبهُ بهمْ أيضًا، فيكرهُ السجودُ كَذَلِكَ.


(١) فِي (ب): (التلاوة).
(٢) يقول صاحب الهداية بعدها: (إلا عصر يومه عند الغروب)، ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٢).
(٣) (فِي معنى الصَّلاة كانت)، ساقطة من (ب).
(٤) سبق تخريجه في صفحة (١٨٢).
(٥) أخرجه أبو بكر الإسماعيلي فِي"معجم أسامي الشيوخ" (ص ٥٣٠) حديث رقم (١٦٧): بلفظ: «مَنْ قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ قَهْقَهَةً شَدِيدَةً فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ» من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
قَالَ البيهقي: وقد روي هذا الحديث بأسانيد موصولة، إِلَّا أَنَّهُا ضعيفة. وقد ثبت أحاديثها فِي الخلافيات، انتهى. انظر: "نصب الراية للزيلعي " (١/ ٥٣).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) أجمع أهل العلم على أن الضحك في غير الصلاة لا ينقض طهارةً ولا يوجب وضوءً، وأجمعوا أن الضحك في الصلاة ينقض الصلاة، إلا ما روي عن الشعبي وهو شاذ. انظر: "الإجماع لإبن المنذر" (١/ ٤٨)، و"فتح الباري لابن حجر" (١/ ٢٨٠)، و"المجموع شرح المهذب؛ للنووي" (٢/ ١٥)، و"المغني لابن قدامة" (٢/ ٤٠).
(٨) فِي (ب): (التشبيه).