للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولولم يعد إلى الميقات، ولكنه أفسد إحرامه إن كانت عمرة بجماعه قبل أن يطوف لها أكثر طوافها، وإن كان حجة بجماعه قبل الوقوف بعرفة سقط ذلك الدم عنه؛ لأنه وجب عليه قضاؤها، فانجبر ذلك كله بالقضاء كمن سها في صلاته، ثُمَّ أفسدها فقضاها؛ لا يجب عليه سجدتا السهو، وكذلك إذا فاته الحجّ، فإنه يتحلل بالعمرة فعليه قضاء الحجّ، وسقط عنه ذلك الدم، وهذا عندنا، وعند زفر لا يسقط عنه ذلك الدم، وذكر في «المبسوط» (١) فإذا جاوز الكوفي الميقات حلالًا، فقد ارتكب المنهي، وأخر الإحرام عن الميقات فتمكّن نقصان في حجة، ونقصان الحجّ يجبر بالدم، فإن رجع إلى الميقات ولبى، إن رجع قبل أن يحرم، فأحرم بالحجّ من الميقات فلا شيء عليه بالاتفاق، يعني: عندنا، وعند زفر -رحمه الله- أيضًا؛ لأنه تلافى المتروك في وقته، ومكانه فصار في الحكم كأنه لم يجاوز الميقات إلا محرمًا، فإن الواجب عليه أداء الحجّ بإحرام يباشره من الميقات، وقد أتى بذلك.

وإن كان [أحرم] (٢) بعدما جاوز الميقات، ثُمَّ عاد إلى الميقات فعلى قول أبي حنيفة -رحمه الله- إن لبى عند الميقات سقط عنه بالدم، وإن لم يلبّ لا يسقط عنه الدم، وعندهما يسقط الدم عنه في الحالين جميعًا، وعند زفر فلا يسقط عنه الدم في الحالين جميعًا بخلاف الإفاضة؛ لأنه لم يتدارك المتروك/ لأن المتروك هناك استدامة الوقوف إلى غروب الشمس، وهو بعوده لم يتداركه في وقته حتى قال بعضهم: لو عاد قبل غروب الشمس يسقط عنه الدم؛ لأنه تدارك المتروك في وقته حين أفاض بعد غروب الشمس مع الإمام، وعند بعضهم لا يسقط؛ لأنه ما تدارك المتروك، وهو استدامة الوقوف فقد ترك جزأ من الوقوف إلى أن أعاد، وذلك الجزء لا يمكن تداركه، وبخلاف ما إذا دخل مكة، وطاف شوطًا؛ لأنه إنما أسقطنا عنه الدم باعتبار أنه مبتدئ للإحرام من الميقات، فيمكن في حجة الحجّ يجبر بالدم إلى الميقات، ورجع قبل تقديراً (٣) وفي اعتبار ذلك بطل الطواف الذي وجد منه، ولا سبيل إلى ذلك لوقوعه معتداً به فلا يمكن اعتباره مبتدئًا بعد ذلك أما هاهنا فبخلافه.

(كما إذا مرّ به محرمًا ساكتًا).

يعني: أن الواجب عليه أن يكون محرمًا عند الميقات لا أن ينشئ الإحرام عند الميقات ألا ترى أنه لو أحرم قبل أن ينتهي إلى الميقات، ثُمَّ مرّ بالميقات محرمًا، ولم يلبّ عند الميقات لا يلزمه شيء.


(١) انظر: المبسوط (٤/ ١٧٠).
(٢) أثبته من (ب).
(٣) سقط من (ب) من قوله: (فيمكن في حجة) إلى قوله: (تقديراً).