للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: أَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ الْقَبْضِ وَالدَّيْنِ جَمِيْعًا؛ لِأَنَّه ضَمَانُ الْاسْتِيْفَاءِ، فَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إِلَّا بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ، وَبِالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ انْعَدَمَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ وَهُوَ الدَّيْنُ، وَالْحُكْمُ الثَّابِتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ [وَصْفَيْنِ] (١) يَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ أَحَدِهِمَا (٢) (٣).

أَلَا تَرَى/ أَنَّه لَوْ رَدَّ الرّهْنَ سَقَطَ الضَّمَانُ لِانْعِدَامِ الْقَبْضِ مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ، فَكَذَلِكَ إِذَا أَبْرَأَ عَنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ لِانْعِدَامِ الدَّيْنِ مَعَ بَقاءِ الْقَبْضِ (٤).

وَهَذَا بِخَلَافِ مَا لَوْ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ حَقِيْقَةً؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الدَّيْنُ بِالْاسْتِيْفَاءِ لَا يَسْقُطُ بَلْ يَتَقَرَّرُ، فَإِنَّ مَا هُوَ الْمَقْصُوْدُ يَحْصُلُ بِالْاسْتِيْفَاءِ، وَحُصُوْلُ الْمَقْصُوْدِ بِالشَّيْءِ يُقَرِّرُهُ وَيُنْهِيْهِ (٥) (٦).


(١) في (ب): (وضعين).
(٢) الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ أَحَدِهِمَا: قاعدةٌ فقهية، ومعناها: أن الحكم متى ما ثبت بعِلَّة ذات وصفين فإنَّ تحقُّقَهُ متعلق بوجود الوصفين جميعاً، وانعدامه مربوطٌ بانعدام أيِّ واحدٍ مِنْ الوصفَيْن، ولو بقي الآخر، ومِثَالُ ذلك: رَجُلٌ علَّق طلاق زوجته بالخروج وتكليم فلانِ من الناس، فلا يقع الطلاق إلا إذا خرجت وكلَّمت ذلك الشخص، فلو خرَجَت دون أن تكلِّمَه لا يقع الطلاق. يُنْظَر: أصول السرخسي (٢/ ٢٣٧)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٣/ ٢٠١ - ٢٠٢).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٩٠)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١٥٠).
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٩٠)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١٥٠).
(٥) حُصُوْلُ الْمَقْصُوْدِ بِالشَّيْءِ يُقَرِّرُهُ وَيُنْهِيْه: قاعدة فقهية، ومعناها: أن المقصود بالشيء أو العقد إذا حصل ووُجِد فإن ذلك ينهي هذا الشيء ويقرره ويؤكده، ومِثَالُ ذلك: إذا اشترى جارية بشرط الخيار، ثم وطئها في زمن الخيار فقد سقط خيارُه، وتَمَّ العقد، فلا حق له في الرجوع بعد ذلك إلا بسبب جديد، كاكتشاف عَيْب؛ لِأنَّ الوطْء مقصود عند شراء الجواري. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٣/ ١٢٠).
(٦) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٩٠ - ٩١)، تكملة فتح القدير (١٠/ ١٥٠).