للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومراده بهذا اللفظ أنَّه لا يخرج شيئًا من أيديهما لأنّ النِّصف صار بينهما بيقين والنِّصف الباقي للمفقود مِن وجه. ويريد بقوله: ولا يقِف منه شيئًا للمفقود أي: لا يجعَل شيئًا مما في يد الابنتين ملكًا للمفقود على الحقيقة. وكذلك لو كان المال في يدِ ولدَي الابن المفقود،

وطَلَبت الابنتان ميراثهما، واتّفقوا أنّ الابن مفقود، فإنّه يعطى للابنتين النِّصف، وهو أدنى ما يصيبهما، ويترك الباقي في يد ولدَي الابن المفقود من غير أنْ يقضي به/ لهما ولا لأبيهما لأنَّه لا يدرى من المستحقّ لهذا الباقي (١)؛ كذا في المبسوط والذخيرة.

(تُعطيان النصف؛ لأنَّه متيقن به) لأنّا لوقدَّرنا الابن المفقود ميِّتًا كان نصيبهما الثلثَين فكان (٢) النّصف متيقنا به.

(ونظير هذا الحمل) أي: في حقِّ وقف النّصيب.

(على ما عليه الفتوى) هذا احتراز عمّا روي عَن أبي حنيفة أنَّه يوقف للحمل ميراث أربع بنتين (٣)، واحتراز [عمّا روي] (٤) عَن محمد، فإنَّه رُوِي عنه في ذلك روايتان: في رواية يوقَف نصيب ثلاثة بَنين، وفي رواية يوقَف نصيب ابنين، وهو إحدى الرِّوايتين عن أبي يوسف. وفي رواية أخرى عَن أبي يوسف أنَّه يوقف نصيبُ ابنٍ واحدٍ، وعليه الفتوى (٥)؛ كذا في التتمة (٦).

(ولو كان معه وارث) أي: مع الحمل.

(ولا يتغيَّر بالحَمل يُعطى كلٌّ نصيبه) حتَّى إذا تَرك امرأةً حاملًا وجدّة فللجدّة السُّدس لأنَّه لا يتغيَّر فريضتها بالحمْل، وكذلك إذا ترك ابنًا وامرأة حاملًا، فإنّه تعطى المرأة الثُّمن لأنَّه لا يتغيَّر فريضتها.

(وإنْ كان ممَّن يسقط بالحمْل لا يُعطى) وذلك كابن الابن أو الأخ أو العمّ حتّى أنّه لو ترك امرأةً حاملًا أو أخًا أو عمًّا لا يُعطى الأخ والعمّ شيئًا لأنّ مِن الجائز أنْ يكون الحمْل ابنًا فيسقط معَه الأخ والعمّ. فلمّا كان ممّن يسقط بحال كان أصل الاستحقاق له مشكوكًا، ولا (٧) يعطى شيئًا لذلك.


(١) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ٤٦)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٥/ ٤٥٩).
(٢) في (ب) "وكان".
(٣) في (ب) "بنين".
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٥) ينظر المبسوط للسرخسي (٣٠/ ٥٢).
(٦) تتمة الفتاوى: للإمام، برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز الحنفي، صاحب: (المحيد).
المتوفى: سنة ٦١٦. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ٣٤٣).
(٧) في (ب) "فلا".