للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(إلا إذا اجتمعت فيها بأنفسها)

أي: اجتمعت السماك في الحظيرة بأنفسها من غير أن يأخذها أحد.

(ولم يسد عليها المدخل) (١)

"لا يجوز بيعها، وفيه إشارة إلى أنه لو سد صاحب الحظيرة (٢) عليها المدخل ملكها، وأما إذا لم يسد عليها المدخل فلا يملكها/ صاحب الأرض بمجرد الاجتماع في ملكه، ألم تر أنه لو باض الطير فيها أو أفرخت لم يملكه لعدم الإحراز، فهنا أولى.

فإن قلت: يشكل على هذا ما لو عسَّل النحل في أرضه، فإن العسل يكون له بمجرد اتصال العسل بملكه من غير أن يحرزه، أو يهيئ له موضعاً.

قلت: إن النحل لما عسَّل في أرضه صار العسل قائماً بأرضه على وجه القرار، فصار تابعاً لأرضه كالشجر والزرع، ينبت فيها فلذلك كان العسل لصاحب الأرض، بخلاف بيض الطير وفرخها، والسماك المجتمعة في الأرض بأنفسها، فإنها ليست فيها على وجه القرار " (٣)، إما حالاً وإما مآلاً، إلى هذا أشار الإمام التمرتاشي - رحمه الله - ثم فرع على هذا مسائل فقال: هذا كله إذا لم يكن هيأ أرضه للاصطياد، أما إذا هيأ بأن حفر بئراً للصيد فوقع فيها، أو نصب شبكه فتعقل (٤) (٥) فيها، أو هيأ موضعاً ليجعل الطير ثمة وكراً فهو له؛ لأنه صار آخذا حكماً. وكذا لو دخل الصيد داره فأغلق عليه الباب كان الصيد له، وفي النوازل (٦) (٧) "بسط ذيله عند النثَّار (٨) ليقع فيها ما نثر، أو وضع الطست ليقع فيه المطر فهو له؛ لأنه أحرزه، وكذا لو هيأ أرباب المواشي مرابض لمواشيهم ليجتمع بعرها فهم أحق بها، وكذا لو كانوا يجمعون، وفي غير هذا فهم وسائر الناس في الأخذ سواء، وفي فتاوى الفضلي: أهل الشبكة كانوا يرمون بالرماد والتراب والسرقين في ساحة هي ملك لرجل، أن ذلك لمن سبق بالرفع سواء هيأ المكان له أو لا" (٩).


(١) قال في الهداية: "قال: ولا يجوز بيع السمك قبل أن يصطاد؛ لأنه باع مالاً يملكه، ولا في حظيرة إذا كان لا يؤخذ إلا بصيد؛ لأنه غير مقدور التسليم، ومعناه إذا أخذه ثم ألقاه فيها لو كان يؤخذ من غير حيلة جاز، إلا إذا اجتمعت فيها بأنفسها ولم يسد عليها المدخل لعدم الملك" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٣).
(٢) " الأرض" زيادة في (ج).
(٣) العناية شرح الهداية (٦/ ٤١٠).
(٤) فتعقل، فاعتقل فيها حبس فيها. هذا من هامش (أ).
(٥) "شريره" زيادة في (ج).
(٦) النوازل للفقيه أبي الليث السمرقندي. الطبقات السنية في تراجم الحنفية (ص: ١٢).
(٧) "النوادر" في (ج). ولعل هذا الصحيح لأني لم أجد هذا القول في كتاب النوازل.
(٨) النثار: ما يتناثر من الشيء كالسقاط اسم لما يسقط، والضم لغة تشبيهاً بالفضلة التي ترمى، وقيل: نثارة الحنطة والشعير. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٥٩٢)، تاج العروس (١٤/ ١٧١).
(٩) شرح فتح القدر (٦/ ٣٧٥).