للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ فِي " الْمُحِيطِ "بَعَدَمَا ذَكَرَ (١) التَّخْيِيرِ لِلْمُنْفَرِدِ فِي الْجَهْرِ، وَالْمُخَافَتَةِ فِيمَا يَجْهَرُ (٢) مِنَ الصَّلَاةِ: (فَإِنْ قِيلَ مَشْرُوعِيَّةُ (٣) الْجَهْرِ جَاءَتْ (٤) لِلْأَئِمَّةِ لِحَاجَتِهِمْ إِلَى إِسْمَاعِ (٥) غَيْرِهِمْ وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِسْمَاعِ (٦) غَيْرِهِ فَلَا يُشْرَعُ الْجَهْرُ فِي حَقِّهِ، قِيلَ لَهُ: الْمُنْفَرِدُ إِمَامٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ؛ فَيَجْهَرُ لِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ، فَإِنْ قِيلَ إِذَا اعْتُبِرَ إِمَاماً فِي حَقِّ نَفْسِهِ؛ لَمَا جَازَتِ الْمُخَافَتَةُ فِي حَقِّهِ قِيلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ فَكَانَ الْمُخَافَتَةُ كَجَهْرِهِ) (٧).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْماءُ) (٨) (٩)

أَيْ: لَيْسَتْ فِيهَا قِرَاءَةً مَسْمُوعَةً؛ إِنَّمَا فَسَّرَهُ بِهَذَا احْتِرَازاً؛ عَنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَفْسِيرِهِ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا قِرَاءَةَ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْماءُ» (١٠) (١١) أَيْ لَيْسَ فِيهَا قِرَاءَةٌ وَلَنَا (١٢) قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِالْقِرَاءَةِ» (١٣) وَقِيلَ لِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ (١٤) -رحمه الله- «بِمَ عَرَفْتُمْ (١٥) قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَلَاةِ الْظُهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: بِاضْطِّرَابِ لِحْيَيْهِ (١٦)» (١٧) وَقَالَ أَبُو (١٨) قَتَادَةَ -رضي الله عنه-: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُسْمِعُنَا الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ فِي الظُّهْرِ (١٩) أَحْيَاناً» (٢٠) وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ أَيْ: لَيْسَ فِيهَا قِرَاءَةً مَسْمُوعَةً كَذَا فِي" الْمَبْسُوطِ " (٢١).


(١) زاد في نسخة (ب) قوله: (فِي).
(٢) (فِيمَا يَجْهَرُ) ساقطة من (ب).
(٣) في (ب): (شرعية).
(٤) والصواب: (جار) كما في "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٠٠).
(٥) في (ب): (امتناع).
(٦) في (ب): (استماع).
(٧) "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٠٠).
(٨) في (ب): (عجماء).
(٩) قال صاحب الهداية: (ويخفيها الإمام في الظهر والعصر وإن كان بعرفة لقوله عليه الصلاة والسلام " صلاة النهار عجماء " أي ليست فيها قراءة مسموعة وفي عرفة خلاف مالك -رحمه الله- والحجة عليه ما رويناه ويجهر في الجمعة والعيدين لورود النقل المستفيض بالجهر). "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٥).
(١٠) في (ب): (عجماء).
(١١) أخرجه عبد الرزاق في"مصنفه" (٢/ ٤٩٢: ٤٩٣)، كتاب الصلاة، باب قراءة النهار، حديث (٤١٩٩) و (٤٢٠٠) و (٤٢٠١) من قول مجاهد، والحسن، و أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود موقوفاً عليهم، ولم يرفعوه، وقال النووي في" خلاصة الأحكام " (١/ ٣٩٤): (بَاطِل لَا أصل لَهُ).
وقد صح ما يدل على الإسرارِ بالقراءة في صلاة النهار، ومن ذلك ما أخرجه البخاري في"صحيحه" (١/ ٢٣٢)، من كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر، حديث (٧٤٢) و (٧٣٤)، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: قُلْنَا: لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْنَا: بِم كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَالَ: بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ.
(١٢) في (ب): (وأما).
(١٣) سبق تخريج الحديث (ص: ٢٧٠).
(١٤) سبقت ترجمته في (ص: ١٦٧).
(١٥) في (ب): (عرفتهم).
(١٦) في (ب): (لحيته).
(١٧) أخرجه البخاري في"صحيحه" (١/ ٢٣٢)، من كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر، حديث (٧٤٢) و (٧٣٤)، وأخرجه مسلم في"صحيحه" (ص ١٩٠)، كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، حديث (٤٥١).
(١٨) في (ب): (ابن).
(١٩) (والآيتين في الظهر) زيادة ليست من الحديث.
(٢٠) أخرجه البخاري في"صحيحه" (١/ ٢٣٢)، من كتاب الصلاة، باب القراءة في العصر، حديث (٧٤٤).
(٢١) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٧).