للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّا التكذيب في كل ما أقرَّ به يبطل الإقرار؛ لأنَّه حينئذ يكون ردًّا لإقراره والإقرار يرتد بالردِّ إلى هذا أشار الإمام التَّمرتاشِيِّ - رحمه الله - (١).

ثم قال: ولو أقر أحدهما بقتل عمد وقامت البينة على الآخر (٢) بمثل ذلك فادعى الولي عليهما له أن يقتل المقر ولا شيء على الآخر؛ لأنَّه كذب المقر في النصف ولا يبطل إقراره في الثاني (٣) وذلك يكفي للقصاص، وكذب الشَّاهد [في] (٤) النصف فبطلت الشَّهادة في الثاني (٥) (لأَنَّ التَّكْذِيبَ تَفْسِيْقٌ (٦) للشَّاهد، وكذا لو أقر أحدهما بقتل خطأ وقامت البيِّنة على آخر بمثل ذلك فادَّعى الولي عليهما فعلى المقرِّ نصف الدية في ماله ولا شيء على الآخر ولو ادَّعى كله على المقرِّ فالدية على المقرِّ في ماله لو ادَّعى ذلك كله على المشهود عليه فالدية على عاقلته لثبوته عليه بالبيِّنة.

وفي قوله: (غَيْرَ [أَنَّ] (٧) تَكْذِيْبَ المُقِرِّ لَهُ المُقِرُّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لا يُبْطِلُ إِقْرَارَهُ فِي البَاقِي (٨) قيد ببعض ما أقرَّ به احترازاً عن تكذيب المقر له المقر في كل ما أقرَّ به فإنَّ ذلك ردٌّ لإقراره فلا يصح الإقرار على ما ذكرنا.

وأمَّا التكذيب في البعض لا يبطل الإقرار بخلاف الشَّهادة فإنَّ التكذيب فيها مبطل للشَّهادة سواء كان التكذيب في الكلِّ أو في البعض.

وذكر الإمام الكشاني: ألا ترى أن رجلاً لو أقرَّ بألف درهم وصَدَّقه المقر له في النِّصف وكذَّبه في النِّصف أنَّ الإقرار صحيح فيما صدَّقه ولو كان ذلك في الشَّهادة لبطلت الشَّهادة كلها والله أعلم (٩).


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٨/ ١٢٦)، تبيين الحقائق (٦/ ١٢٤)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٧٠)، مجمع الأنهر (٤/ ٣٣٨).
(٢) وفي (ب) (آخر).
(٣) وفي (ب) (الباقي).
(٤) سقط في (ب).
(٥) وفي (ب) (الباقي).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٧) سقط في (ب).
(٨) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٥).
(٩) يُنْظَر: الجامع الصغير (٤٩٧)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٣٢)، درر الحكام (٥/ ٤٦٤).